كنت أتمنى ألا أكتب عن الحالة الصحية لإبن الصديق، وحتى وإن كتبت فلا أكتب إلا مع متمنياتي له بالشفاء حتى يعود إلى أهله ونفسه وذويه، لكن أخلاق بعض الناس لا تتعامل مع بن الصديق إلا كجثة يجب استغلالها لا كصديق أو أخ أو أب أو زوج يعيش لحظات صحية حرجة. والمهم والأهم هو أن يتعافى.
إنهم يستغلون بن الصديق كجسد مكلوم من أجل تصفية حساباتهم ولو كانت بشكل فج، فعلى افتراض أن ما قيل حول التسميم لحظة نقل السيد إلى المستشفى كانت له ظروف خاصة و لم يكن أمرا مبيتا، و إن كان أن غياب النية المبيتة منذ البداية من أجل "إلصاق التهمة" بجهة ما فيها وجهة نظر، فإن ما حصل بعد ذلك يثير الضحك و الشفقة على حال وجهاء إمارة برنستون حول مسؤولية الدولة المعنوية فيما جرى لإبن الصديق.
فكيف تتورط منظمة تقول أنها تدافع عن الحرية و تريد الحرية الآن في نكتة المسؤولية المعنوية للدولة فيما جرى لإبن الصديق؟
لم أكن أتصور أن يقبل عقل النخبة التي تدعي الإنتماء إلى عصر الأنوار فكرة المنبوذ و رجاله بالدفع بهذا الأمر و ترسيمه ببيان و تنتظر أن يتقبله الرأي العام ويؤمن به و ينخرط في الدفاع عنه، إنه العبث فكيف استطاع آل برنستون أن يعبثوا بعقل "فريدوم ناو" حتى يدخل "سوق لحماق و قلة العقل و تقهقيه".
و ليعذرني "آل فريدوم ناو" فسألبس جلبابهم و أدافع اليوم عن المسؤولية المعنوية للدولة حول ما حدث لنزيل مستشفى الشيخ زايد، و أطالب بخلق "المندوبية العامة للمسؤولية المعنوية" و إعطائها الصلاحيات الكاملة لتتخذ كل الإجراء ات الإحترازية الضرورية لتأمين الدولة من تبعات المسؤوليات المعنوية المحتملة.
تقول الرواية أن الدولة لها مسؤولية معنوية فيما جرى لبن الصديق، و سأستوطن عقل آل "فريدوم ناو" حتى أكون وفيا لمنطقهم، بن الصديق تعرض لجلطة دماغية فما هي مسؤولية الدولة؟ هل الدولة مطالبة بأن تجبر بن الصديق كل يوم على قياس الضغط الدموي و إجباره على الحمية و عدم تناول المملحات وكل المواد الدسمة يوم عيد الأضحى و بعد العيد حتى تنخفض نسبة الكولسترول في دمه، و تجبره على مراجعة أطباء القلب و الشرايين و الدماغ؟ نعم، حسب "فريدوم ناو" فمسؤولية الدولة تبقى ثابتة، و هل يعرف "آل فريدوم ناو" أن هناك عيب خلقي في دماغ بن الصديق و أن الدولة حتى و إن تدخلت وأجبرت بن الصديق على الحمية الخاصة بذوي الضغط الدموي المنخفض أو المرتفع فلا يمكن لها أن تتدخل فيما خلق الله؟
مسؤولية الدولة المعنوية أن المستشفى لم يكن يتوفر على "الغاز" كما تقول الرواية، والحال أن بن الصديق أصيب بالجلطة الدماغية في العاصمة وتم نقله إلى أكبر مستعجلات المغرب، حيث يوجد كبار الأطباء المتخصصين، ونقل بعدها إلى مستشفى الشيخ زايد بالرباط.
ألم يكن بن الصديق محظوظا وهو يصاب بجلطة في العاصمة ويصله الإسعاف في العاصمة ويدخل أكبر مستشفيات العاصمة ويسبقه شيك بمبلغ سمين قالت مصادر "موقع بديل" شيك بمبلغ خيالي، فأين نحن من حال المصابين بالضغط الدموي والجلطات الدماغية الذين أصيبوا في الجبال ولم يصلهم لا الشيك السمين و لا كبار الأطباء المتخصصين و لا بيان "فريدوم ناو" المثير للضحك حول المسؤولية المعنوية.
إنها النخبة التي ابتلينا بها والتي تقول إنها النخبة الرافضة التي لا توجد على يسار كل الرافضين، فهي تريد لها حد التفكه كل شيء، وما على الدولة اليوم إلا أن تقوم بحصر لائحة "النخبة الرافضة" وتتحمل مسؤوليتها المعنوية وتعين من الآن في إطار إخلاء مسؤوليتها طاقم طبيا ومختبرات متحركة حتى تقيس ضغطهم الدموي و الحالة الميكانيكية لركبهم حتى لا يسقطوا على قارعة الطريق، و تجبرهم على عدم الإلتزام بمواعيدهم "النضالية" و أن تعطي الأولوية للمتقدمين في السن منهم.
فأمين عبد الحميد المتقدم في السن يجب أن يخضع لفحوصات دورية، وإذا أصابته نوبة برد أو ضغط دموي مرتفع أن يمنع من الخروج من بيته والمشاركة في وقفات الباعة المتجولين أو حملة الشهادات العليا أو 20 فبراير أو المعطلين، حتى لا يتعرض للفحة شمس وإلا فإن المسؤولية المعنوية للدولة تبقى قائمة حسب منطق جناح آل برنستون داخل "فريدوم ناو".
فالدولة مطالبة اليوم بخلق المندوبية العامة للمسؤولية المعنوية التي ستتكفل بتفعيل البرنامج الوطني الإستعجالي للمسؤولية المعنوية و أن تحدد بشكل سريع اللائحة الحصرية للأشخاص الذين سيستفيدون من البرنامج، و إصدار بطاقة الإستفاذة من البرنامج و عدم انتظار تقدم الأشخاص المعنيين بطلب خطي للإستفادة كما حدث مع برنامج الرعاية الصحية "راميد".
المندوبية العامة لن تجد صعوبة في حصر اللائحة، فالشروط معروفة من بينها عدم احترام المستفيذ المحتمل من قانون الحريات العامة و القيام بعمليات احتجاجية بدون رخصة و لا حتى اشعار السلطات الإدارية، دعم طلبات التوظيف المباشر في الوظيفة العمومية، دعم الباعة المتجولين الذين يحتلون الشارع العام و يعرقلون السير، دعم الإنفصال و مناهضة الوحدة الترابية للبلاد، دعم كل المناهضين للمغرب كما حدث في قضية إطلاق الرصاص على سكان قبيلة أولاد صالح في ناحية وجدة التي رفضت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إدانتها و إصدار بيان يدين تصرفات الجيش الجزائري.
أظن أن المندوبية العامة لن تتيه كثيرا في حصر لائحة المعنيين بالمسؤولية المعنوية للدولة حسب منطق "فريدوم ناو" و هي لائحة لن تكون طويلة لأن "أصحاب الشيكات" أو المؤهلين لأخذها معدودون، وإلى حين خلق المندوبية العامة فآل برنستون مطالبون بمراجعة الأطباء ومراقبة الضغط الدموي وعدم الإكثار من أكل اللحوم الحمراء والإقتداء بنصائح الخبير في التغذية محمد الفايد لأن بيان التفكه الذي أصدرته "فريدوم ناو" لن يفيدهم فلا يصلح العطار ما أفسد الدهر و الله فعال لما يريد.
بقلم حمو واليزيد الأكوري