الإشكالية التي تطرحها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لا ترتبط أساسا بالنسبة إلي، بتوصلها بمساعدات خارجية، بقدر ما هي متعلقة بمدى قناعتها و إيمانها بالمبادئ و القيم التي تتظاهر بالنضال من أجلها، كالتعددية السياسية و الحريات الفردية و مبادئ حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا.
و طرح هذه الإشكالية يجد تبريره في كون الهيئات القيادية للجمعية يهيمن عليها حزب النهج الديمقراطي ذات التوجه الماركسي اللينيني، و كما هو متعارف عليه فهدف كل حركة ماركسية لينينية هو العمل من أجل بناء حزب ثوري قوي و خلق الظروف الإجتماعية المواتية لتمكينه من الإستلاء على الحكم و فرض ديكتاتورية البروليتاريا و الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج. و هذا التوجه الإيديولوجي يتعارض كلية مع مفهوم الديموقراطية التعددية التي يصبو إليها غالبية المغاربة.
و هذا التعارض بين المواقف المعلنة للجمعية و حقيقة مراميها الإيديولوجية يمكن من فهم ممارستها النضالية . فالمفروض في منظمة حقوقية أن تتحلى بغير قليل من الموضوعية و أن تقر بما هو إيجابي في العمل الحكومي في مجال حقوق الإنسان حتى إن لم يكن كافيا في نظرها، و أن تنأى بنفسها عن العمل السياسي البحث، بينما نجد أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتصرف كهيئة سياسية معارضة ليس للحكومة فقط بل للنظام السياسي للدولة ككل، و هاجسها هو تبخيس كل مبادرات الدولة في مجال حقوق الإنسان وتضخيم كل الهفوات الحقوقية التي يمكن أن تكون السلطات العمومية مسؤولة عنها، و إعطاء للخارج صورة قاتمة لأوضاع حقوق الإنسان ببلادنا. و قد أوردت الصحف الوطنية مؤخرا كيف أن بعض أعضاء هذه الجمعية يختلقون حالات تعديب وهمية اتهموا باقترافها عناصر من الأمن الوطني.
لذا يحق لنا أن نتسائل عن مصادر التمويلات الخارجية التي تتوصل بها الجمعية و عن علاقتها بالجهات المعادية للمغرب و لوحدته الترابية و التي تسعى من جهتها لتشويه صورة بلدنا في الخارج و نسف استقراره الداخلي.
و مهما يكن فلا أحد له الحق في أن ينكر على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حقها في مزاولة أنشطتها و التعبير عن آرائها، كما أنه من حق الديمقراطيين المغاربة العمل على رفع الإلتباس الإيديولوجي الذي يميز الحقل السياسي المغربي اليوم و الذي يتيح لمن لا يؤمنون بالديمقراطية التعددية التظاهر كأعتى المدافعين عنها.
القباج محمد، الرباط
مفتش مالية متقاعد
نائب مدير الميزانية سابقا، بوزارة الإقتصاد و المالية.