الرجل كَيْمُوتْ، تعرض لتسمم، اعطاه شي حد شي حاجة.. وبلغة أخرى حسب رواية بديل عن التوارخي عن سوسيولوجي عين عودة، قال مصدر مطلع، والإطلاع إطلاع تاريخي سوسيولوجي مشترك، أن المهندس أحمد بن الصديق يحتضر في هذه الأثناء بأحد أحياء الرباط بعد تعرضه لحالة تسمم تسبب فيها مجهولون، مشيرا إلى أن بن الصديق تعرض قبل شهر لتهديد بالقتل.
رجل يحتضر أسر أو لم يفصح عما يعاني منه فالأمر سيان، المهم أنه تعرض "لشي حاجة وشي حاجة" ما دام أنها غير موجودة فصاحبها مجهول. المهم أن تزرع الشك والباقي يتكفل به "الغياطة" الذين يتحركون كمصادر معلومة/مجهولة لتقديم الوعكة الصحية للرجل على أساس أنها حادث غامض، وأن زملاءه لا يستبعدون أي دافع وراء ما حدث للمهندس أحمد بن الصديق.
الخبر بالطريقة التي تم تسويقها منذ البداية على أساس أن الفاعل موجود ويجب تحريك الحملة على أساس أن المجهول/المعلوم هو المسؤول عما جرى لأحمد بن الصديق، فرواية التوارخي وزميله السوسيولوجي هي رواية لا يرقى إليها شك، و موقع بديل شاهد إثبات فهو لسان الرواة المتفقهين في التاريخ المعاصر.
النظام الديكتاتوري هو المسؤول عما يجري لإبن الصديق، لقد تعاملت الناس مع رواية أهل عين عودة في الداخل و الخارج بنوع من الريبة، كيف يمكن تسميم رجل؟ قد يكون الرجل "سَقْرَامْ" تناول وجبة من نوع الوجبات التي يتناولها الشعب كل يوم في السويقة أو باب الحد أو في يعقوب المنصور، الوجبات التي تعود عليها أفراد الشعب الذين لا يهتم بهم وجهاء "فريدوم ناو"، الشعب ذو الجهاز الهضمي المسلح الذي يتحمل كل الوجبات من النوع الرديء التي قد تسمم ذوي الياقات البيضاء الذين لا يحضر الشعب عندهم إلا "كسلوم" يتسلقونه لبلوغ المرامي و الأهداف البعيدة.
فإذا كانت معدة بن الصديق لا تتحمل الوجبات الرديئة، فلماذا يجبر نفسه على التماهي مع الشعب رغم أن خير عين عودة كثير و يسمح له أن يتناول ما يريد في أي مطعم يريد بالعاصمة، فإذا كان عاشقا للمطبخ الإيطالي فله أكثر من مطعم و إذا كان عاشقا للمطبخ الفرنسي فله أكثر من اقتراح و إذا كان عاشقا للوجبات السريعة فأهل أمريكا لهم أكثر من ماركة سريعة و أكثر من مطعم في الرباط، لماذا يصر على التشبه بالشعب و يتناول وجبات من النوع الرديء التي تتطلب معدة صلبة قادرة على هضم و استيعاب كل مكونات وجبة الأكل من أجل الحياة.
استمر التشويق لمدة ساعات بعد أن خضع أحمد بن الصديق للفحوصات إلى أن نزل الخبر، فرواية التوارخي و صاحبه السوسيولوجي لا أساس لها من الصحة، الرجل لم يتعرض لأي تسمم فهو بريء من تهمة انتحال صفة الإنتماء إلى الشعب، لازال الرجل على طبيعته جزء من النخبة التي لا تقتات مما يقتات منه الشعب و لازال وفيا لنظام غذائه الخاص، و أن تهمة الإنتماء إلى الشعب التي سعى أهل عين عودة إلى إلصاقها به فهي غير ثابتة لأن ثقافة الرجل لا تسمح له بالسقوط في هذا المنحذر و الرجل ليس هاويا حتى تنطلي عليه حيلة الإنتساب فعلا إلى أهل "باب الحد" بالرباط، و إنه لم يثبت يوما أنه حاول الإنتحار طبقيا حتى يغامر بإنتكاسة صحية من نوع التسمم الذي لا يصيب إلا حثالة القوم.
و أخيرا صدر بيان الوكيل العام للملك بالرباط الذي أعلن أنه "بعد إجراء فحوصات وتحاليل طبية على عينات الدم و البول والفحص بجهاز السكانير تبين أنه مصاب بجلطة دماغية تقرر إثرها نقله إلى مستشفى الإختصاصات بالرباط لتلقي العلاجات الضرورية".
بيان الوكيل العام للملك لم يصدر إلا صباح اليوم، إلا أن "الطبّالة" الذين كانوا مرابضين بالمستشفى الجامعي بالرباط عرفوا منذ مساء أمس أن الرجل لم يتعرض لوعكة صحية من النوع الذي يتعرض له الشعب، و أنه أصيب بجلطة دماغية من النوع الذي لا يصيب عامة أفراد الشعب و لا يصيب إلا النخبة، و مع ذلك لم يتحرك أي واحد من أجل نقل الحقيقة، و يبتلع معها كل الكذب الذي تم الترويج له، لقد فضلوا أن تبقى بيانات النعي و الإيحاءات المغرضة معروضة للإستهلاك عوض الصدح بالحقيقة، إنها صفة من صفات النخبة المعارضة تقول كل شيء إلا الحقيقة عندما لا تستقيم مع حساباتها، وجهاء "فريدوم ناو" الذين استعملوا كل وسائطهم من أجل الترويج للأكاذيب لم يتحملوا مسؤوليتهم في تصحيح الأشياء عندما بلغت لهم الحقيقة، فلا تستبعد اليوم أن يقول جناح عين عودة داخل "فريدوم ناو" أن النظام الديكتاتوري هو المسؤول و أنه سرب أحد خدام النظام الديكتاتوري لكي يتسلل إلى مخ ومخيخ المهندس أحمد بن الصديق لكي يفجر الشعيرات الدموية في مخه و يعبث بها حتى يخلق له جلطة دماغية.
أتمنى بعد البلاغ الذي صدر عن النيابة العامة بالرباط أن يكشف الذي كان وراء الرواية المفبركة حول التسمم، و الأطراف الجهولة المعنية بالتسمم وجهه و يعلن للملأ العناصر التي اعتمد عليها في الترويج لروايته الكاذبة، فشتان بين الجهاز الهضمي و الجهاز العصبي، بين المعدة و الدماغ، فالمشكل عند النخبة هو مشكل في الدماغ المجبول على الكذب و الإختلاق، فالتوارخية يجب أن يكونوا حلفاء للعلم و ليس للخرافة، فالخرافة تعبد الطريق أمام فضاء "بويا عمر" أما مسلك العلم فإنه يعطي الكلمة للأطباء الذين يفهمون في طب و جراحة الدماغ لأنهم أهل الإختصاص.
بقلم حمو واليزيد الأكوري