يصفه البعض بالمناضل المناهض لـ"الرأسمالية العالمية" و"الامبريالية الأمريكية" فيما البعض الآخر يقول عنه انه "الشيطان"، لكن رئيس بوليفيا إيفو موراليس الذي فاز أمس الأحد 12 أكتوبر بولاية ثالثة، يعتبر من الشخصيات السياسية التي تحظى باحترام كبير من قبل البوليفيين.
وكانت نتيجة الانتخابات الرئاسية محسومة قبل إجرائها لصالح الزعيم اليساري إيفو موراليس، الذي تمكن خلال 8 سنوات من تغيير الوجه الاقتصادي والاجتماعي لبوليفيا، التي تعتبر أفقر دولة في أمريكا اللاتينية رغم ثرواتها النفطية.
موراليس، الذي وصل إلى الحكم في 2005 بعد فوزه بحوالي 54 بالمائة من الأصوات يدخل في لائحة رؤساء دول القارة الأمريكية الذين قضوا فترات طويلة في السلطة.
وإذا كان الفقراء يرون فيه الرجل القوي الذي أعاد لهم شرفهم ووقف بالمرصاد ضد ما يسميه "الامبريالية الأمريكية" ومصالح الرأسمالية العالمية، فإن البعض الآخر يصفه بالمقابل، خاصة ملاك الأراضي والمستثمرين الأمريكيين وإدارة واشنطن، بـ"الشيطان" و"تاجر المخدرات".
ورغم محاولات الولايات المتحدة أن تظهره على أنه رجل يشكل خطرا على الديمقراطية، إلا أن غالبية شعبه لا تزال تثق فيه، والدليل على ذلك فوزه ثلاث مرات على التوالي في الانتخابات الرئاسية (2006، 2010 و2014) في يوليفيا.
موراليس نقابي ومدافع عن مزراعي "الكوكا"
ولد موراليس عام 1959 في كنف عائلة فقيرة، وشاءت الأقدار كما روى في كتابه الذي يسرد قصة حياته أن يتزامن يوم ولادته مع التظاهرة الاحتجاجية التي نظمها آنذاك الزعيم الكوبي فيدال كاسترو بالعاصمة هافانا ضد "الرأسمالية الأمريكية".
بدأ حياته النضالية كنقابي وممثل لمزارعي نبتة "الكوكا" (تستعمل في إنتاج الكوكايين) والتي تؤمن مداخيل مالية لمئات الآلاف من المزارعين والفقراء البوليفيين. وصمد بقوة أمام الولايات المتحدة التي تكافح هذه الزراعة كونها أصبحت مصدرا لتجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية وتهدد اقتصادات العالم.
فاز إيفو موراليس في 1997 بمقعد في البرلمان البوليفي الذي حوله إلى منبر للدفاع عن مزراعي "الكوكا" كما استغله لانتقاد واشنطن وسياستها "الاستعمارية".
عرف إيفو موراليس بقرابته الإيديولوجية مع فيدال كاسترو والزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، وهذا ما دفعه في 2002 إلى تأسيس حزب جديد يدعى "الحركة الاشتراكية" الذي أوصله بعد أربع سنوات إلى قصر "لاباز" الرئاسي.
تراجع نسبة الفقر الشديد من 38 إلى 21 بالمائة
منذ وصوله إلى الحكم، قام موراليس بتأميم عدد من الشركات الأجنبية التي كانت تعمل في مجال النفط والطاقة والمناجم. كما عزز القدرة الشرائية للمواطنين بفضل سياسة التأميم ورفع أسعار المواد الأولية التي تصدرها بوليفيا إلى الخارج، ما جعل نسبة الفقر الشديد تتراجع من 38 إلى 21 بالمائة في 2012.
من جهة أخرى، قدم موراليس مساعدات مالية كثيرة لكبار السن وشيّد مدارس ومرافق صحية واجتماعية للفقراء، ما جعله يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط المتواضعة.
لكن رغم نمو الاقتصاد البوليفي بشكل منتظم خلال السنوات الأخيرة، إلا أن موراليس يواجه انتقادات عديدة نتيجة ظاهرة الفساد في العديد من مؤسسات الدولة وتقاعسه في محاربة تجار المخدرات رغم الوعود التي قطعها أمام الأسرة الدولية.
دول أوروبية ترفض هبوط طائرة موراليس في 2013
في يوليو 2013 رفضت عدة دول أوروبية، من بينها فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا أن تحلق طائرة موراليس فوق أجوائها بحجة أن إدوار سنودن كان في داخلها. وفي النهاية، قبلت النمسا أن تهبط طائرة موراليس على أراضيها، لكنه بقي محتجزا في المطار لمدة 13 ساعة.
وبعد عودته إلى بلاده، استقبل موراليس استقبال الأبطال حيث توافد الآلاف إلى مطار "لاباز"، فيما قام باستدعاء سفراء الدول التي لم تسمح لطائرته بالهبوط على أراضيها.
وفي 2013، نشر رئيس بوليفيا مقالا في دورية "لوموند دبلوماتيك" تحت عنوان "أنا الرئيس المحتجز في أوروبا" انتقد فيه عملية احتجازه واصفا إياها "بإرهاب دولة".
لكن رغم المتاعب التي عانى منها هذا الرئيس المتحدر من أصول هندية (سكان امريكا الاصليون)، إلا أنه لا يزال يحظى بمساندة شعبية واسعة في بوليفيا.