*الدكتور عبد القادر بطا ر.
طلعت علينا في هذه الأيام فتوى من الفتاوى السائبة، هدفها الأساس التشكك في احتفال المملكة المغربية الشريفة بعيد الأضحى المبارك، وما يرتبط بهذه السنة الكريمة من شعائر دينية...
وأول ما يلاحظ على تلك الفتوى السائبة أنها لم تؤسس على أسس شرعية متينة، وقواعد فقهية وأصولية مشهودة، بل تأسست على قياس فاسد علته حب الدينار والدرهم – تعس عبد الدينار-
نقول لصاحب هذه الفتوى السائبة: إن المغرب - كما هو متواتر- يعتمد الرؤية الشرعية أساسا في إثبات الشهور القمرية، وإذا كان هناك بلد في الدنيا يراقب الهلال مراقبة شرعية دقيقة، عبر جميع جهاته وأقطاره، فهو المملكة المغربية الشريفة بلا منازع. ومن المعلوم كذلك أن رؤية أهل المغرب للأهلة تؤكدها عادة المؤسسات العلمية المتخصصة في علم الفلك.
ولذلك فلا يلتفت إلى هذا اللغو العلمي، والتملق السياسي، والفتاوى السائبة التي أساسها حب الدينار والدرهم كما سلف.
وإذا كانت هناك إرادة في توحيد الرؤية الشرعية - وليس الحساب الفلكي كما جاء في الفتوى السائبة- فالمغرب وانطلاقا من المذهب المالكي يمتلك أسسا نظرية لذلك، يقول الشيخ خليل في مختصره: "باب: يثبت رمضان بكمال شعبان أو برؤية عدلين ... وعم إن نقل بهما عنهما لا بِمنفرد".
قال الحطاب في شرحه لهذه العبارة: يعني أن الحكم بثبوت رمضان يعم كل من نقل إليه، إذا نقل بهما، أي بشهادة عدلين، أو نقل باستفاضة...(مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل).
من الواضح أن كلام الشيخ خليل يتنزل على رؤية شهر رمضان، غير أنه يمكن إجراء ذلك على إثبات باقي الشهور القمرية، بما فيها شهر ذي الحجة الذي يرتبط بالوقوف بعرفة وبعيد الأضحى المبارك ...
وصفوة القول: فإن مسألة إثبات رؤية الأهلة مسألة خلافية، وهي مسألة فقهية قديمة جديدة، ترتبط بالمذاهب الفقهية المتبعة، والقول بتوحيد الرؤية يحتاج إلى اجتهاد فقهي جماعي، وإلى إرادة سياسية، بدل الفتاوى السائبة، والآراء الشاذة...
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
* أستاذ العقيدة والفكر الإسلامي في جامعة محمد الأول بوجدة