أقدم تنظيم "جند الخلافة"، فرع تنظيم الدولة الإسلامية في الجزائر، على إعدام الرهينة الفرنسي بطريقة أبشع مما تم تداوله في سوريا والعراق، وبسرعة فائقة، حيث لم يمض على اختطافه سوى 24 ساعة، وفي ذلك رسائل عديدة، لا يمكن السكوت عنها. فالتنظيم، الذي يتزعمه أبوبكر البغدادي الذي أعلن نفسه غصبا خليفة للمسلمين، لم يعد اليوم يهدد دول المغرب العربي والساحل والصحراء، ولكنه أصبح لديه أدوات للتنفيذ، انتقلت من التخطيط إلى الممارسة، ومن القول إلى العمل، وبدأت بأبشع أنواع الحرب لديها، ألا وهي الحرب النفسية، إذ بثت شريطا يصور قتل الرهينة الفرنسي بشكل مفزع. التهديد الذي كان يشكله البغدادي، الذي يوجد حاليا مختبئا بين سوريا والعراق، وتسيطر كتائبه على مساحات شاسعة، لم يعد خطرا بعيدا ولكن أصبح يجاورنا، وبالتالي سينقل البغدادي جرائمه إلى المنطقة. لقد اشتد الخناق اليوم على الدواعش وخليفتهم، وتلقوا ضربات قوية من الجيش السوري ومن كتائب المتطوعين العراقيين التي شكلت إسنادا قويا للجيش العراقي، كما بدأت في تلقي ضربات جوية من رعاتها ومموليها، بما يعني أن البغدادي قد ينقل "شغله" إلى مناطق أخرى، سواء بشرق آسيا أو شمال إفريقيا. هذا التحول يفرض يقظة زائدة، ويفرض تحولات في السياسات الأمنية بمنطقة المغرب العربي، وتحمل المسؤولية الكاملة وعدم المكابرة، التي تمارسها الجزائر، لأن التحدي مطروح على الجميع، والإرهاب طاعون يصيب الجميع بالعدوى، ولا مجال للتساهل معه. التنظيم في الشرق كان يختطف الأجانب ويبقي عليهم لمدة طويلة، قد تصل السنتين، ويحاول التفاوض ويطلب الفدية، لكن الفرع الجزائري، لا يطلب الفدية، بما يعني أنه غني، ولكن يفرض شرطا سياسيا وعسكريا من الصعب تنفيذه. إذن أتباع البغدادي بالجزائر أكثر شراسة من نظرائهم بسوريا والعراق، أي أن البشاعة هنا مضاعفة، بما يعني أننا أمام وحوش بشرية، متأهبة لقضم كل ما تجده أمامها. ونحن في سياق الحديث عن فرع داعش بالجزائر، لابد من الحديث عن المسؤولية التي تتحملها السلطات الجزائرية، ليس في إطار المزايدات ولكن في إطار وضع الحقائق أمام الناس، لأن خطر البغدادي يفرض نسيان الخلافات، ولو التوحد على موضوع محاربة الإرهاب والقضايا الأمنية. فالجزائر عانت من عشرية الحرب المدنية، التي واجه فيها الجيش الجزائري الجيش الإسلامي، وذهب ضحيتها آلاف من الضحايا، يعادلون شهداء حرب التحرير، لكن بعد الوئام المدني، ظنت سلطة العسكر أنها أصبحت بمنأى عن الإرهاب، والأدهى والأمر ظنت أنها قادرة على ترويضه ليصبح لعبة في يدها تحارب به جيرانها. فلا يمكن نسيان أن الجزائر ترعى منظمة إرهابية اسمها البوليساريو أضحى دورها اليوم هو الاتجار في السلاح والمخدرات وتزويد الجماعات الإرهابية بما تحتاجه من معدات وآليات وتداريب وكل ذلك تحت الرعاية الجزائرية وتحت نظرها، لكنها نسيت أن الأفعى التي رعت قد نمت اليوم ويمكن أن تلدغها هي أولا.