خلفَ الخطاب الملكي الذي ألقاهُ رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، في أشغال الدورة 69 للجمعية العامة الأمم المتحدة، رُدود أفعال مُتباينة لدى العديد من المتابعين والمراقبين للمشهد السياسي المغربي، حيث أنَه لأول مرة يتحدث ملك البلاد بخطاب "حاد وصارم" يُحاكم فيه الغرب على ماضيه الإستعماري ويرفض أطروحاته التنموية.
فبلغة قوية وصارمة، هاجم الملك محمد السادس، سياسات الغرب، الذي " لا يعرف سوى إعطاء الدروس"، حيث تبنى خطابا يقترب إلى اليسار بإتهامه الواضح للإستعمار العالمي بعرقلة تنمية الدول "لسنوات طويلة، واستغل خيراتها وطاقات أبنائها، وكرس تغييرا عميقا في عادات وثقافات شعوبها، كما رسخ أسباب التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وزرع أسباب النزاع والفتنة بين دول الجوار".
وعلى غرار خطاب العرش الأخير، الذي تساءل فيه الملك محمد السادس عن الثروة الوطنية، ولماذا لا يستفيد منها كل فقراء البلد، شكلَ الخطاب الملكي الذي ألقاهُ رئيس الحكومة بالنيابة أمام زُعماء العالم، مُفاجأة أمام الرأي العام المغربي والدولي، وذلك بإنتقال عاهل البلاد إلى مُخاطبة المنتظم الدولي في قضايا كبرى تتداخل فيه المصالح الإقتصادية والسياسية، بنبرة يسارية على شاكلة خطابات كاسترو وهوغو تشلبيس، وزعماء اليسار بأمريكا اللاتينية الذين يهاجمون الدول الغربية على منبر الأمم المتحدة.
ويُعتبر الخطاب بعيد عن مميزات الخطابات الملكية السابقة، حيث حمل الملك محمد السادس مسؤولية عرقلة التنمية في الدول النامية للاستعمار الغربي الذي قال إنه خلف "أضرارا كبيرة للدول التي كانت تخضع لحكمه"، وقال إن الاستعمار عرقل مسار التنمية بهذه الدول "لسنوات طويلة، واستغل خيراتها وطاقات أبنائها، وكرس تغييرا عميقا في عادات وثقافات شعوبها، كما رسخ أسباب التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وزرع أسباب النزاع والفتنة بين دول الجوار".
ماجاءَ في الفقرة السالفة الذكر، يُعتبر ضرباً للأطروحة التي مافتئ يُروج لها مقربون من القصر الملكي ومسؤولون، مُنذ فجر الإستقلال، والتي تُطبل للدور الفرنسي في النهوض بالمغرب والرُقي به، وإلتزامهم الصمت إزاء النداءات الشعبية المُتكررة التي تُطالب المُستعمر بجبر الأضرار كما هُو شأن باقي الدول التي استطاعت الخروج من قوقعتها وتطوير خطابها.
ورأى متتبعون، أنَ الخطاب الملكي المُوجه إلى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، كان "ثوريا"، يدعو إلى مراجعة العلاقات القائمة بين الغرب ودول الجنوب في ظرفية قد تكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة للمنطقة والعالم.
مُؤكدين على أنَ المغرب اليوم في حاجبة إلى نُخبة سياسية وإقتصادية وإعلامية قادرة على الإستثمار من داخل ما يأتي على لسان أعلى سُلطة في المملكة.
ويُعتبر هذا مُؤشر على تطور طرق تعاطي القصر معَ الدول الغربية التي خدلت المغرب في العديد من الملفات الكبرى أبرزها ملف الصحراء المغربية.