|
|
|
|
|
أضيف في 21 شتنبر 2014 الساعة 22 : 18
لا يحق لأية دولة أو مجموعة من الدول أن تتدخل، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لأي سبب كان، في الشئون الداخلية و الخارجية للدول الأخرى ): قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رقم : 36/103
1- في مرحلة تاريخية عربية عصيبة ، و في ضوء / ظلمة الانقلابات العسكرية و المدنية و الثورات المضادة على مجريات الربيع العربي المجهض ، طلع علينا الكاتب الجزائري المخضرم : د . محيي الدين عميمور بمقالين خصصهما للننظر في راهن و واقع العلاقة الجزائرية المغربية المثيرة للأسى و الألم و الحسرة ... و من تحصيل الحاصل القول إن الحالة الجزائرية المغربية فريدة من نوعها كونيا ، فلئن كانت الخلافات السياسية و العسكرية ميسما يطبع علاقة عدد كبير من الدول المتجاورة ، بفعل عامل التنافس و الرغبة في تحقيق "الفوز" و "الهيمنة" الإستراتيجية و الاقتصادية و العسكرية .. لكن في حدود من الذكاء السياسي ، و تحصين المصالح المفصلية دفاعا عن حاضر و مستقبل الشعوب ، فإن الجارين الشقيقين رغم ما يتقاسمانه من تاريخ مشترك ؛ حافل بالمنجزات النضالية و المقاومة النوعية للاحتلال الأجنبي ، و قيم ثقافية و حضارية و دينية بالغة الأهمية .. يعيشان في قطيعة دراماتيكية ، و حرب "باردة" مدمرة منذ استقلالهما ( ما يناهز خمسين سنة ) ! ! فما هي الأسباب / الدواعي القابعة وراء هذا التدمير الذاتي و هذا "الاقتتال" المعنوي المرعب ؟ 2- كنا نمني النفس أن يتقدم الأستاذ الفاضل محيي الدين بعناصر إجابة متوازنة و موضوعية و محايدة نوعا ما ، خاصة و الرجل قد بلغ من الكبر عتيا ، و اختبر مطبخ السياسة عن قرب ، و تقلد مناصب سياسية مرموقة ، و كان من المقربين جدا من الرؤساء الجزائريين و صناع القرار في قصر المرادية سنين عددا ! إلا أنه أضاع الهدف و حاد عن انتهاج المقاربة المسؤولة الداعية إلى زرع قيم التصالح و التقارب و التآخي ، من أجل إقلاع تنموي مغاربي انتظرته شعوب المنطقة على "أحر من الجمر" ، و اكتفى بترديد الأسطوانة المألوفة للطبقة الحاكمة بالجزائر الشقيقة ، أسطوانة مبدأ تقرير المصير "للشعب الصحراوي" ووضع حد ل"تصفية الاستعمار" بالمنطقة ، من أجل إقحام كيان وهمي باسم "الجمهورية الصحراوية .." ! كل ذلك على حساب بلد عربي جار، لم يتوان في تقديم يد العون و التضحيات الجسام للجارة الجزائر طيلة تاريخها المديد . و في اعتقادي الشخصي فإن الكاتب الكبير محي الدين عميمور ، الذي نكن له كل تقدير و احترام بفضل مساهماته الإعلامية الخصبة (المرئية و المسموعة و المكتوبة ) ، يتخلى عن مقاربته الجادة لقضايا الوطن العربي الجريح ، كلما اقترب من موضوع الصراع الجزائري المغربي ! و أكاد أقول إن الكاتب المحترم على اطلاع دقيق بملفات العلاقة الغرائبية بين المغرب و الجزائر ، بدءا من إشكال ترسيم الحدود و احتفاظ الطرف الجزائري غير الودي بالصحراء الشرقية المغربية ، بدعوى ضرورة احترام الحدود "الموروثة" عند الاحتلال ، و مرورا بتورط بالغ الخطورة في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية ، عبر الرعاية اللوجستيكية و العسكرية و المالية و الإعلامية .. المطلقة للانفصاليين المغاربة و تزويدهم بأعز ما يحتاجون إليه من وسائل و معدات و آليات و باقي مختلف أصناف الدعم .. لتحقيق حلم حكام الجزائر في تقسيم المغرب و تجزيئه و إضعافه ، بغض النظر عن النتائج الكارثية على المنطقة بأسرها ، و متى كان العرب يعيرون الاهتمام لما قد يسببونه من خراب ! و أخيرا و ليس آخرا ، جنون إغلاق الحدود البرية و السياسية و الاقتصادية ؛ جنون أهوج استمر عشرين سنة ، و للقارئ الكريم أن يتصور حجم الخسائر الإنسانية و الأخلاقية و المالية لهذا السلوك السياسي بالغ الانحدار ! و في الواقع لا يمكن أن نعالج موضوع الصراع المعني بالأمر بالاقتصار على ترديد "القرارات" الدولية و "توصيات" الجمعية العامة ، و "مواقف" المنظمات الدولية لحقوق الإنسان ، فكلنا ندرك الرغبة الجامحة التي تسكن "المنتظم" الدولي في تجزيء المجزئ و تقسيم المقسم و إعادة تقزيم الدول العربية ، و خلق كيانات وهمية ، للتحكم في مصير الأمة العربية الطامحة إلى الوحدة و الحرية و الديمقراطية ، لكن ما لا يدركه العقل الحصيف هو مجاراة بعض الدول العربية وعلى رأسها الجزائر للمخططات الاستعمارية و التخريبية والأطماع الامبريالية الجديدة ، في السيطرة على مقدرات الشعوب العربية الحيوية . 3- وحينما اقترح المغرب حلا ثالثا لقضية الصحراء الغربية المغربية ، بعد سنوات من الضياع و الدوران في الفراغ القاتل ، و هو حل الحكم الذاتي الموسع ، كان ذلك بعد أن تيقن الخبراء و المراقبون المحايدون من استحالة تنظيم استفتاء تقرير المصير بالضوابط و القواعد الملائمة للوضع الصحراوي المخصوص ، و مرة أخرى كانت الجزائر سباقة إلى تسفيه الاقتراح المغربي و تحريض الانفصاليين المغاربة سواء في مخيمات تندوف ، أو داخل الأراضي المغربية ، و تأليبهم على وطنهم و حثهم على العصيان المدني و إحداث القلاقل و إلحاق الفساد في البلاد و العباد ، فإذا تدخلت قوى الأمن للتهدئة و استتباب الأمر ، علت أصوات الجمعيات و المنظمات و المؤسسات الدولية منددة بعدم "احترام" حقوق الإنسان ، و المطالبة بالتدخل الدولي لمراقبة هذه الحقوق داخل الأراضي المغربية ! يعلم الدارسون و المهتمون بالشأن الإقليمي ، أن الجزائر من الدول القليلة في العالم التي "تشتغل" ( مع بالغ الأسف ) بدون مشروع مجتمعي ، و رؤية سوسيو اقتصادية و سياسية متكاملة و هادفة ، بل إن "المجهودات" الفرعونية التي تقوم بها الجزائر لضرب المصالح الوجودية للمغرب ، و الأموال الهائلة الناتجة عن عائدات الطاقة النفيسة التي تغدقها يمينا و يسارا على المرتزقة في كل أنحاء العالم و ما أكثرهم .. كل ذلك يعميها عن بناء دولة ديمقراطية حديثة ، تضمن للمواطنين الحرية و العدالة و المساواة و الكرامة الإنسانية ، دولة مدنية تعددية ، تجرى فيها الانتخابات الدورية في جو من التنافسية و الشفافية و التداول السلمي على السلطة ، مع العمل الجاد و الصادق من أجل تجسيد مغرب عربي فاعل ، و إنجاز إقلاع تنموي حضار ي قل نظيره في المنطقة العربية ، بعيدا عن البحث الدونكيشوطي عن الريادة و النزوع المرضي للهيمن على المنطقة ! فهل سيدرك أشقاؤنا الجزائريون أن عالم الغد قائم على قيم التعاون و تبادل الخبرات و التجارب و العمل المشترك في ميادين العلوم و التربية والتكنولوجيا عالية الدقة ، و خلق مزيد من الثروات ، و جعل بلداننا قبلة للاستثمارات الوطنية و الإقليمية و الدولية لمنافسة الأقطاب الاقتصادية العالمية العملاقة ، بعيدا عن السياسات الكيدية و العدائية ، التي تذكرنا بمسلكيات عصر ملوك الطوائف !؟
الصادق بنعلال – كاتب من المغرب.
|
|
3437 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|