لا حدود للإبداع حيث لا حدود للبهاء و الحرية المسؤولة، وبطبيعة الحال عندما يكون الفن من أجل الفن، يسمو الى أقاصي قيم جمالية وإنسانية مثلى ، سواء كان غناء أو موسيقى أو تشكيلا أو شعرا والى آخره من شتى دروب الابتكار الراقي والروحي و السلمي والى تخوم الفن المشاغب الجميل كما هو معروف عالميا..
لكن ما قاله فنان جماعة "العدل والإحسان" رشيد غلام، و نشر بموقع البديل ليوم الاثنين إن "الشعب هو رمز الوطن ليس الحاكم والسلطان" وذلك في "أنشودة"، تحت عنوان "عاش الشعب"، قدمها غلام خلال مهرجان نظم يوم الأحد 14 شتنبر بمدينة الدار البيضاء، يكون شبه المغني قد خرق مقتضيات الدستور المغربي وكلامه يعدّ في حدّ ذاته عصيان للقوانين المنظمة للشوؤن العمومية ، وإخلال لا غبار عليه بأمن الأمة والمجتمع العام، وسنوضح للقارئ الكريم كيف؟
عندما يزيغ الفن عن غاياته ويصبح سياسيا وخبيثا في أهدافه، تحريضيا على الفوضى، ويبتغي تجييش الناس ضد القوانين، ويستهدف الدستور كأسمى تشريع وضعي للأمة، باعتباره تعاقدا اجتماعيا بين الدولة والمجتمع وتم التوقيع اسفله (مجازا) بين جميع أطراف الدولة والشعب الجماعية والفردية الحية، وفي عملية استفتاء شعبية حرّة ونزيهة يشهد العالم عليها وعلى مصداقيتها التي جنبت البلاد والعباد ويلات الربيع الذي انبت أشواكا وميلشيات وحروبا أهلية في البلاد العربية..،
كذلك،عندما ينحرف الفن والغناء تحديدا عن مآربه ومراده، وتصبح "الداعشية المتدروشة" أو "دولة الخلافة عن طريق المسكنة" الى حين يشتدّ العود و تختلّ موازين القوى في ذات قومة كامونية(؟؟)كما تقول بذلك جماعة العدل والاحسان وغلامها المغني الاسلامي /السياسي المتشدّد المدعو غلام فنحن أمام حالة تستدعي عدم التغاضي ولكن إعمال القانون للدفاع عن الشرعية الدستورية والنص الدستوري كما قرّره المغاربة واختاروه.
أكيد أن القارئ سمع بالعنف الفني الاسلاموسياسي ،التحريضي وأخطاره على الناس وسلامتهم وطمأنينتهم، كما يكون قد سمع بمعاقبة مرتكبي هذه التهمة في الدول المتقدّمة والأسمى حقوقيا وحضاريا، لأنها جريمة أخطر من جرائم الأفراد العاديين، وكم مرّة يهون فيها إطلاق الرصاص ولعلعته على اطلاق الكلمة ودمويتها الايحائية والفعلية ونفث سمومها المهدّمة والمخرّبة ؟؟.
ان حالة غلام تدخل في هذا السيّاق، عندما شكّك في رموز البلاد و اختصاصاتها الدستورية، عن قصد ومسؤولية مع سبق الاصرار، لأنه بكلامه في الدارالبيضاء، نزع عن الملكية صفاتها الدستورية كاحدى الركائز الأساسية للنظام السياسي المغربي اذ تحضى بمكانة محورية في النسيج التاريخي و الاجتماعي و السياسي ، ما يفسر ديمومتها و استمرارها كمؤسسة فاعلة متميزة عن مثيلاتها من الملكيات أو الأشكال الشبيهة بها على الصعيد العربي الاسلامي.
وتأسيسا على ذلك تحتل المؤسسة الملكية مكانة أساسية في النظام الدستوري المغربي، بحكم وجودها على رأس المؤسسات الدستورية ،وامتلاكها لصلاحيات دستورية تمكنها من لعب دور محوري .
وباختصار أخير ان رشيد غلام طعن في رمزية الملك وشرعيته الدستورية،وبدون احترام واجب لشخصه، وما نص عليه الفصلان، 41 و42 من صلاحيات دينية خاصة بإمارة المؤمنين، ورئاسة المجلس العلمي، ومن أنه هو الممثل الأسمى ورمز وحدة الأمة، والضامن لدوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها والساهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وصيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، واحترام التعهدات الدولية، وضمان استقلال البلاد وحوزتها.