يلاحظ المواطن أو السائح الأجنبي وهو يجوب المغرب من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، رواجا ونشاطا مثيرا في مختلف مناحي الحياة العامة، خاصة في فترة فصل الصيف القصيرة هذه التي تأتي بين شهر رمضان الكريم والدخول المدرسي. وسواء كان ذلك على مستوى الطرق السيارة أو الطرق الوطنية أو الطرق الإقليمية أو حتى عبر المسالك والأودية، فلا شيء ولا حديث إلاّ عن الاستقرار الذي ينعم به المغرب؛ الاستقرار تلك النعمة التي وجب أن نحمد الله عليها ونشكره؛ الاستقرار تلك الهبة التي يبحث عنها آخرون في فلسطين المحتلة وليبيا ومصر والسودان وسوريا والعراق وفي بلدان الجوار، فلا يشمون سوى رائحة البارود الذي تقذفه رشاشات وقنابل وصواريخ تنظيمات اختارت أن تصنف نفسها خارج السياق الوطني والديني والعقدي لبلدانها، بل وتهدد بلدانا ومناطق أخرى في المغرب الإسلامي. هذا الاستقرار لم يأت من فراغ، بل من عمل وجهد منبثق من مشروع وطني ضخم وثقيل يقوده جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، بحكمة واقتدار اعترف له بهما القاصي والداني، وهم يلاحظون ويتابعون الجهود الحثيثة من أجل إسعاد المغاربة واستقرارهم ورخائهم عبر برامج وأوراش تحوّل وجه المغرب وتعطيه مظهرا آخر يليق بحضارته وثقافته وباعه وتطلّعه المشروع نحو الآفاق الرحبة للتقدم والتنمية. بناء على هذا، فإن المواطن والأجنبي، سواء المقيم منه أو العابر، لا يحس بأيّ ضيق أو إزعاج وهو يتجول في ربوع المغرب، بالرغم ما يقال هنا وهناك عن تعزيزات أمنية ـ وهي جد عادية ـ وعن حالات تعبئة لمواجهة تهديدات جدّية أو محتملة: رواج في المطارات ومحطات المسافرين السككية والطرقية والبحرية؛ حركة دائبة في الفنادق والمخيمات ومراكز الاصطياف؛ انسياب كبير لحركة التنقل؛ نشاط ملموس في وتيرة السياحة الشاطئية والجبلية والرملية من المركب الكبير والجميل بالسعيدية إلى خليج الداخلة الساحر، على طول الشريط المتوسطي والأطلسي عبر آلاف الكيلومترات التي تقدم مشاهد طبيعية خلاّبة وناطقة وشاهدة على نعمة هذا الاستقرار. شيء آخر يثير النظر والملاحظة هو أنه عبر هذه الآلاف المؤلّفة من الكيلومترات من الطرق والمسالك والممرات، لا حواجز ولا نقط تفتيش أو ما شابهها، تزعج الحركة والتحرّك، والنقل والتنقّل، والسفر والسياحة عبر أرجاء الوطن العزيز من طنجة إلى الكويرة. ليس هناك سوى الأمن والأمان ونعمة الاستقرار. إنه مكسب وثروة غير مادية تزيد في رصيد الوطن والمواطن، فبقدر ما يكون المواطن مريحا بقدر ما يكون الوطن كذلك؛ وبقدر ما يكون الوطن قويا ينعكس ذلك على المواطن. تلك هي المعادلة السهلة الممتنعة التي لا تجد تجسيدا لها سوى في المغرب، بلد التعدد بكل تجلياته ومكنوناته وتشكيلاته وتلويناته التي تنطق وتلهج باللهجة أو اللغة الخاصة بها لتذوب وتنصهر في بوتقة واحد: بوتقة الوطن الغني بروافده، القوي بوحدته. نعمة لا يحس بها إلاّ من يفتقدها. وما علينا سوى أن نحمد الله عليها ونزيد في الحمد والشكر. وله الحمد من قبل ومن بعد.