بتخليها، خلال ما سمي بجامعة صيفية، عن الشعارات الفضفاضة التي انكشف زيفها، تكون جبهة (البوليساريو) قد برهنت، إذا كان الأمر يحتاج إلى برهان، على أن سبب وجودها الحقيقي إنما هو لإذكاء مشاعر العداء للمغرب، ذلك العداء الحقير الذي جعله صناع هذا الكيان الوهمي في مرتبة العقيدة الراسخة.
وهكذا كشف الموضوع الذي اختير لهذه “الجامعة”، و المستوحى من صميم الحملات الإعلامية -السياسية التي يفبركها صناع الدعاية في الجزائر ضد المغرب، ( كشف) عورة الانفصاليين، و فضح الوجه البشع لهؤلاء الذين تركوا أناسا أبرياء لا حول لهم ولا قوة كرهائن داخل مخيمات تندوف، التي يتاجر بها الانفصاليون بغية الاغتناء و جمع الثروة.
وخلال هذه (الجامعة) مضى (البوليساريو)، الذي ينعم قادته برغد العيش في كنف أسيادهم، عميقا في غيه. والطريف هذه المرة، ما أعلنته عصابة عبد العزيز من كونها قادرة، لوحدها، على مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود، علما بأن هذه القضية غاية في التعقيد تؤرق كافة الأجهزة الأمنية في العالم بالرغم من الإمكانيات الضخمة التي عبأتها، خاصة على مستوى تنسيق الجهود للتصدي للشبكات النشيطة في هذا المجال، وهو التنسيق الذي تسير الجزائر في اتجاهه المعاكس مكتفية بلعب دور الضحية.
غير أنه عندما نكشف سر هذا التحول “الفكري” والتغير الفجائي في طريقة عمل الانفصاليين، من “مطالبهم التحررية” إلى الخوض في قضية جديدة؟، يبطل العجب بكل سهولة. فالجزائر، التي فشلت في إيجاد إجابات حقيقية لانسداد الآفاق أمام مواطنيها بالرغم من ثرواتها الضخمة، فإنها ، و هي التي تداوم، بشكل يبعث على الدهشة، على إعلان حجزها لكميات من المخدرات، تبحث عن توريط طرف ثالث لتحميله مسؤولية تعلق شبابها بالمخدرات الرائجة بقوة في السوق المحلية.
فعوض أن تتهم جيرانها، تارة بالإرهاب وتارة أخرى بالتهريب بكافة أصنافه أو بمظهر العجز الاجتماعي، كان حريا بالجزائر ، المهووسة بحب الهيمنة الإقليمية ، أن ترهف السمع لشبابها الغارقين في تناول المخدرات لنسيان واقع مؤلم يعيشونه، وأن تفتح الآفاق أمام الكفاءات الوطنية التي تفضل الهروب إلى المهجر، وأن تنكب على معالجة الانتظارات اليومية للمواطن الجزائري.
لذلك، فإنه ليس هناك أفضل من بوق (البوليساريو) لتسويق هذه الأوهام. فإرضاء لمحركيهم و مموليهم، ترك الانفصاليون جانبا ” حقوق الإنسان” و”ظروف الحياة الصعبة” للذين يدعون أنهم يدافعون عنهم،، وانخرطوا تلقائيا في الترويج للدعاية الدنيئة المناوئة للمغرب، وإن كانوا يعلمون تمام العلم أنها لن تتخطى حدود بومرداس، تلك المنطقة التي عانت من شبح لإرهاب، وهي على كل حال دعاية رخيصة صنعها أشباه مهندسون أعماهم الحقد لجيرانهم.
فإذا كان قد بقي لقادة (البوليساريو) قليل من الاهتمام بمصير الساكنة المحتجزة في المخيمات، فليفكروا في أفضل السبل للتخفيف من معاناتهم، ووضع حد للتشتت العائلي والانخراط بصدق، كما هو حال بالنسبة للمغرب ، في جهود البحث عن حل نهائي لنزاع الصحراء الذي لن يعمل الوضع ، إن بقي على ما هو عليه ، سوى على إلحاق الضرر بكافة أبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة.