لا أحد يدعي أن للأحداث التي عرفتها الداخلة أو العيون من قبل، طابع اجتماعي ، لكن لا أحد يستطيع الإنكار أن لظاهرة الشغب في الملاعب والحاجيات الاجتماعية للسكان نصبيها في هذه الأحداث، من دون أن يعني ذلك أن الاحتجاج من أجل توفير السكن والشغل... يتخذ شكل دعوة إلى الانفصال، وهو ما يجتهد البعض لإضفائه على كل حدث عابر.
ولا أحد يستطيع أن ينفي أن "انفصاليي" الداخل ينتهزون كل مناسبة من أجل الإعلان عن هويتهم المدعومة بالأموال وسيارات الكات كات والأعلام للفت الانتباه إلى وجودهم المتضائل، بعد أن أصبح خيار الوحدة في ظل الحكم الذاتي هو الأرجح، لذلك لا يترددون في صب الوقود على حطب ظاهرة الشغب أو المطالب الاجتماعية بهدف تأجيج الوضع.
ولا غرابة أن ينتهز شخص مثل علي المرابط هذا الوضع لإطلاق حملة تضليل، تبدأ باستغراب إعلان وكالة الأنباء الرسمية (وكالة المغرب العربي للأنباء) عن عدد القتلى الحقيقي، وتنهي بإدعاء أن الأقاليم الجنونية تعيش حالة غليان دائم، من دون تقديم ما يفيد ذلك سوى شهادات منتقاة من أفواه أصدقاء "بوليساريو" الداخل.
صحيح أن مقتل سبعة أشخاص في أحداث شغب تلت مباراة في كرة القدم، رقم مرتفع، لكن إذا ما تم وضع الأحداث في سياقها الموضوعي، سيتضح أن القتل كان بفعل عمل إجرامي منظم، وإلا ما معنى أن تنطلق سيارات رباعية الدفع بسرعة وتدهس الناس، ويتم الإجهاز على رجلي أمن، لأن الشغب في أكبر ديربي بالمغرب، بين الرجاء والوداد أو الوداد والرجاء لا يخلف عادة إلا بضع جرحى، وتكسير بعض الواجهات و زجاج السيارات والحافلات، ولم يتم قط تسجيل مثل هذا الرقم.
إن ما حدث يشي أن ثمة طرف ما لم يعد بوسعه تحمل ما يقع من متغيرات، وهو يرى الأنظمة التي غدته بالمال والعتاد تنتحر، فأصبحت حياته لا معنى لها في ظل الوضع الجديد، وهو الآن يسارع الزمن بعد أن انسدت في وجهه كل الآفاق، ولم يعد يجد أين يولي وجهه، فشرع يبحث عن ملجأ بعد أن لفظته الصحراء...