لازال الفرنسيون يتعاملون معنا بعقلية إستعمارية، يعتقدون أننا أغبياء، يستطيعون تعرية وزير الخارجية في المطار ويجب علينا أن نصمت، يمكنهم إقتحام السفارة المغربية وتسليم إستدعاء لمسؤولين مغاربة، ولا يجب أن نتحدث، وإن تحدثنا يخبروننا بخطابات زائفة أنهم بلد ديمقراطي قد قام بفصل السلط منذ زمن سحيق، ولا يمكن للحكومة أن تتدخل في القضاء، كما لا يمكن لوزير الخارجية أن يضمن مرور وزير مغربي بشكل دبلوماسي عبر المطارات، ولا يمكن لوزير الخارجية أيضا أن يتحمل مسؤولية ما يقع داخل مستشفى عسكري لمسؤول مغربي رفيع المستوى.
هل يريدون منا أن نصدق ما يقولون، أم أنهم يقولون لنا موتوا بغيضكم سنستفزكم بين كل حين وآخر لأنكم تحاولون إنهاء نفوذنا في مستعمراتنا السابقة، وسنرد عليكم بشكل دبلوماسي لا يشفي لكم غليلا، لكننا لن نفعل شيئا إزاء ما تتعرضون له.
يعبرون عن آسفهم لما يحدث، يفعلون مثل من تقتل زوجها العجوز وتنوح وتلطم خديها في جنازته لكن الفرحة غامرة بدواخلها، فرنسا لا تستطيع إخفاء فرحها كلما أهانتنا، لكنها تسارع إلى التعبير عن آسفها، وتنتظر منا أن نصمت، تنتظر منا أن نحتج قليلا ونستدعي سفيرها لوزارة الخارجية ونبلغه إمتعاضنا، لكن علينا أن لا نوقف تعاملاتنا معها، يجب أن نزيد من حجم الاستيراد من هذا البلد، ويجب أن لا نعقد أي إتفاقيات تعاون أو نساعد البلدان الافريقية لتنمية نفسها.
فرنسا ترجوا المغرب أن يسلمها سجنائه الفرنسيين، ليقضوا بقية عقوبتهم الحبسية ببلدهم الاصلي، رغم أنهم إقترفوا جريمتهم في المغرب، تريد أبناءها بين أحضانها، وتهين أبناءنا حين يكونون لديها، أما نحن فغير مسموح لنا بإهانتهم ورد الصاع صاعين، أو حتى رد الصاع بربع صاع، لا يمكننا أن نقترب من جندي فرنسي كان في المغرب في فترة الاستعمار وإهانته لأنه قتل ببندقيته المغاربة، لا يمكننا أيضا أن نصرخ في وجه فرنسا بأنها ساعدت إسبانيا في إبادة الريف بالغازات السامة.
لا نستطيع الاقتراب حتى من السياح الفرنسيين، وحين يفعلها أحد وينصب على سائح فرنسي أو يسرقه فإنه إما مجنون أو مجنون، ولا خيار آخر، وحتى إن عاد إلى بطن أمه من جديد وإختبأ بداخله، فإن الامن المغربي سيحضره في أقل من أربعة وعشرين ساعة، فسلطاتنا تتحرك حين يهان أو يسرق الفرنسيون، وسلطات فرنسا تتحول إلى سلحفاة حين يتعلق الامر بإهانة المسؤولين المغاربة، إما إذا كان الامر يتعلق بمواطن مغربي فالديمقراطية ليس لها مكان في هذا المجال، وليس هناك من دليل قاطع أكثر من قضية عمر الرداد، المغربي الذي إتهم بقتل مشغلته، وحكم عليه بالسجن 18 سنة رغم أنه لا يوجد أي دليل قاطع على قتله لمشغلته، ورغم أن الفرنسيين كانوا يشهدون بتفانيه في العمل وإخلاصه وأمانته إلا أن القضاء الفرنسي جزم بأنه الفاعل، ليتم العفو عنه سنة 1996، ولو كان الرداد هو الجاني ما كان لينال عفوا أبدا، وبما أن الرداد مغربي فلا يمكن أن تنهار سمعة القضاء الفرنسي وتبرئة الرداد من الحكم، لذلك إمنحوه عفوا فهو مغربي لا أقل ولا أكثر، والمغاربة كثر في فرنسا، والمغرب مستعمرة فرنسية، لذلك لا بأس بالتضحية بمغربي واحد من أجل النموذج الفرنسي في العدالة والديمقراطية.
هكذا تعاملنا فرنسا، هكذا تجردنا من الملابس، وتهيننا ونحن مرضى، وتحكم علينا بدون أدلة، وتفعل بنا ما تشاء ونحن مؤدبين لا نريد أن نقطع حبل الود، ونترك بيننا شعرة معاوية، فإن أرخاها الفرنسيون شدنناها نحن وإن شدوها أرخيناها، لكننا لم نجرب شدها ولو لمرة واحدة، لأننا نخاف أن تنقطع هذه الشعرة، فالجانب الفرنسي لم يرخيها يوما.
جربوا أيها المغاربة أن تهينوا كلبة لديها جواز سفر فرنسي، أو حمار أو أفعى، أو حتى فأر، جربوا أن تبصقوا على هذه الحيوانات، جربوا أن تفعلوا شيئا من هذا القبيل، وسترون كيف سيتم إعتقالكم والزج بكم في السجون، وستشاهدون كيف ستبكي فرنسا لأن الحيوانات أهينت، سترون كيف سيصبح هولاند رقيق القلب مرهف الاحاسيس وستدمع عيناه خلال الندوة الصحفية وهو يقول بأن المغرب بلد متوحش فقد أهان كلبا فرنسيا أليفا من نوع بيتبول، لم يفعل شيئا غير العض والنهش، وسيخبر العالم أن الاسطول الفرنسي سيتحرك بإتجاه المغرب من أجل إعادة الديمقراطية إلى مكانها ومن أجل حماية حقوق الحيوانات الفرنسية، هكذا سيكون التصريح الفرنسي، لكن الحقيقة أن فرنسا حين تتحرك أو تهين مسؤولينا يكون ذلك من أجل الثروات أو لقص يد المغرب التي مدت المساعدة للدول الافريقية حتى أصبحت عباءة فرنسا ضيقة على هذه الدول كثيرا.
يونس أفطيط كود