عزيز الدادسي
قامت قوات أمريكية خاصة باختطاف المشتبه في ارتكابه مجزرة بنغازي، التي استهدفت القنصلية الأمريكية حيث ذهب ضحيتها أربعة أمريكيين من بينهم السفير الأمريكي، وقد قامت بذلك دون إخبار السلطات الليبية، ودون إجراءات قانونية، وهذا معروف عن الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار ما تسميه الحرب على الإرهاب.
لكن الغريب في القضية هو سكوت المنظمات الحقوقية وغيابها التام عن هذه القضية، حيث لم يصدر عنها لا تصريح ولا بيان، ولم يصدر عنها أي رد فعل بخصوص هذا الموضوع الذي يعتبر في طريقة الاعتقال خرقا لحقوق الإنسان، لكن مادام الأمر يتعلق بأمريكا التي تحتضن أكبر ممول للمنظمات الحقوقية فإن السكوت خير.
وانتهى الأمر عند حد إدانة السلطات الليبية لهذا الفعل، ولم نسمع للمنظمات الحقوقية حسيسا، رغم علمها بأن مصير المختطف سيكون هو غوانتانامو، وانتهى الزمن الذي كانت فيه هذه الجمعيات بنت اليسار تعتبر أمريكا عدوة الشعوب ومركز الامبريالية العالمية، بل أصبحت أمريكا هي البزولة التي تأكل منها وتلهف التمويل، لكن أمريكا ليست جمعية خيرية فهي تعطي بمقابل، أي أن الذي يأخذ لابد من أن يؤدي دورا ما في يوم ما، كما أن بعض "الثوار" يريدون علاقة جيدة مع أمريكا حتى إذا طنت ذبابتها في تغيير ما يكونوا هم البديل. إنه البيع والشراء وسوق النخاسة الجديدة. فما الفرق بينهم وبين العبيد؟
لكن عندما يتعلق الأمر بالمغرب فإنهم يشنون الهجومات المتكررة دون أن يرف لهم جفن، ويصدرون البيانات المتكررة والمكررة حول خرق حقوق الإنسان في المغرب بمناسبة ومن غير مناسبة، بل إن هذه الجمعيات تقوم بحملة كبيرة لمجرد أن شخص ما وربما تحت تأثير المخدرات يسجل فيديو يدعي فيه أنه تم اختطافه وتعذيبه من طرف عناصر مجهولة حتى تقوم قيامة هذه الجمعيات منددة بعودة سنوات الرصاص.
فهذه الجمعيات ماهرة في إصدار البيانات ضد المغرب، فحتى لو تبين لهذه الجمعيات أن الأمر مغلوط وتم تغليطها فإنها تستمر في الهروب إلى الأمام بدل التراجع وإعلان الخطأ، مثلما وقع مع مناضلة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطنجة التي ادعت أنها تعرضت للاختطاف وتبين بعد التحقيق معها أنها مدعية، فلم تضطر الجمعية لإصدار بيان يعترف بالخطأ لكن واصلت ممارستها للكذب والبهتان. واستنادا إلى هذه البيانات يقوم حقوقيون دوليون بإدانة المغرب، لكنهم يركعون أمام أمريكا ويطيلون من ركوعهم وسجودهم طمعا في جنة العم سام.