بوحدو التودغي
أربعون سنة مرت على كتابة مؤلفي عبد السلام ياسين "الإسلام غدا" و "الإسلام بين الدعوة والدولة" وهي الكتب التي أورد فيها عبد السلام ياسين حديث الخلافة على منهاج النبوة، وهو حديث مروي عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان، وينتمي لأحاديث البشارة، لكن لم يقم عبد السلام ياسين بتدقيق الحديث ومدى صحته ومدى نسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالمعروف عن عبد السلام ياسين أنه رجل كان يعيش الحياة ومقبل عليها، ولم تكن لديه اهتمامات دينية، حتى بلغ من العمر أربعين سنة، فأراد أن يشد الرحال نحو الهند لممارسة اليوغا، وذلك قصد معالجة معاناته النفسية، وبينما هو على تلك الحال التقى رجلا من البودشيشية فدله على الشيخ العباس، فلازم الطريقة لمدة ثماني سنوات بأيامها ولياليها.
هذا التحول هو الذي جعل ياسين يكتب تلك الكتب بناء على حديث غير معروف النسب ولا الصحة، فعبد السلام ياسين ليس رجل حديث، كما أنه لم يعتمد على علماء آخرين ومحدثين لمعرفة درجة صحة هذا الحديث، وبالتالي فياسين لا يعول عليه من حيث التصحيح والتضعيف، بل يعتبر رجلا مبتدعا فيما يتعلق بعلم الحديث الذي هو أرقى العلوم الإسلامية، والتي لم ينلها ياسين ورغم ذلك دخل متنطعا في هذا المجال.
فبعد أن قالت الجماعة مع الحراك الربيعي أنها تؤمن بالدولة المدنية، وذلك على لسان نائب الأمين العام الناطق الرسمي باسم الجماعة فتح الله أرسلان، وذلك خلال مشاركة الجماعة في حركة 20 فبراير، وذلك قصد استمالة الشباب الذي في طبيعته ليبرالي، حتى يركب الموجة بشكل سلس.
وبعد أن انتهى موضوع الربيع العربي وغسلت الجماعة يدها من التغيير، عادت لأحاديث الخلافة دون تمحيصها، فالنموذج التي تريد الجماعة العودة إليه هو نموذج لا علاقة له بالديمقراطية، حيث إن الجيل الأول من الصحابة لم يكن على وعي بالشورى والديمقراطية، وإنما مارس الحكم بطريقته الخاصة، وهي طريقة لا تصلح اليوم لتسيير الاختلافات، حيث كانت في تلك الفترة تدار الخلافات بقطع الرؤوس والقتل مثلما حدث مع سعد بن عبادة الذي اعترض على طريقة اختيار الخليفة الأول فقيل إنه قتلته الجن بينما كان يتبول ليلا رميا بسهم. وهو أمر مضحك شبيه بحديث التماسيح والعفاريت.
فأحاديث البشارة لا تهم الجماعة إلا بقدر خدمتها لأغراض السياسة المتغيرة.