كل من تابع مشاركة عبد الله حمودي في الندوة التي نظمها الحزب الاشتراكي الموحد، يكتشف حقيقة واحدة كامنة في الخطاب من مبتدأه إلى خبره، ألا وهي أن حمودي قدم نعيا ملفوفا بعبارات سياسية لثورة الكمون، التي كان يحلم بها الأمير مولاي هشام، والتي كان يحلم فيها حمودي أن يصبح من رجالات الثورة بل مفكرها، ما دام الأعور في بلاد العميان ملكا كما يقول المثل الفرنسي، فثورة الكمون جمعت أصحاب "الصنطيحة" والعقول القصيرة التي تفكر بسذاجة كبيرة. فحمودي، الذي يزعم أنه متخصص ومدرس في كبريات الجامعات الأمريكية للأنتروبولوجية ، ظهر أنه لا يفهم تطور المغربي عبر التاريخ، ولا يعرف من خلال هذا العلم كيف تطور الكائن السياسي المغربي، بل يعرف فقط كيف ينظر للثورة السهلة التي يقودها الأمير مولاي هشام. وإذا كانت المناسبة شرط، فعن مناسبة الكلام الذي صدر عن حمودي، هو الضجة التي أعقبت صدور كتاب "يوميات الأمير المنبوذ"، حيث قام أصدقاء الأمير السابقين بتعرية الشلة التي خدمت الأمير والتي ما زالت تخدمه مقابل عطايا، شبيهة بعطايا الأمراء العباسيين للشعراء المداحين، غير أننا اليوم ننحث مصطلحا جديدا ألا هو مصطلح "الطبالجية"، والتي انتهى إلى الكشف عن عورات العديد من المناضلين الثوريين الذين تبين أنهم موظفون لدى صاحب "ثورة الكمون" وهو شبيه ببوحمارة. و قال حمودي في اللقاء المذكور "نحن شعب الأغلبية، ولكننا نحكم وكأننا أقلية"، وأضاف حمودي، أن مفهوم الأقلية يظل سياسيا، وأنه للخروج من معادلة حكم الأقلية للأغلبية، بحكم أن الأغلبية اليوم، تظل خارج منطق الأقلية، الذي يمارسه الحكم. من يقرأ هذا الكلام يفهم أنه مجرد ألعوبان لغواني لطمس حقائق السياسة التي تجاوزت حمودي وصاحب ثورة الكمون والحزب المحتضن، لأن قطار الديمقراطي المغربي يسير وفق سكة واضحة ولن يتوقف في انتظار أن يفهم هؤلاء التاريخ ومجراه، والتمثيل الشعبي خاضع لمنطق الانتخابات التي لا تمنح أحدا سلطة غير تفويض لتدبير الشأن العام. وقد غاب عن الأنتروبولوجي الكبير، أن تكور الكائن السياسي المغربي، بمعنى التطور السياسي للمغاربة، لم يجعل مؤسسات معينة موضع نقاش حتى وهو يطالب بتطويرها في وقت من الأوقات، والأغلبية أنتروبولوجيا مجتمعة حول المؤسسة الملكية مع تغيرات في الصفات والوظائف، وكان على الأنتروبولوجي أن ينتبه للتنوع الثقافي والتركيبة الدينية للمجتمع المغربي ليرى أن العنصر الجامع هو هذه المؤسسة، أما الأغلبية بمفهومها السياسي فهي مخالفة تماما لما يعتقده حمودي.