للكاتب الدكتور حاتم السكتاني
ما أن تسربت أخبار زيارة الملك محمد السادس إلى تونس الخضراء حتى أصيب أعداء المغرب بنوبة من الصرع استدعت جلب شاحنات من البصل وأعداد كبيرة من المفاتيح وضعت بين أيديهم تجنبا لتفاقم الوضع والأزمة.
وبمجرد أن استردوا وعيهم شرعوا في الإعداد لخططهم العدائية الفاشلة فأرسلوا الخداد إلى ولد عبد العزيز وكأنه قدر للمغرب أن يكون في مواجهة مزمنة لآل عبد العزيز (بوتفليقة والمراكشي وولد عبد العزيز) كرسالة مضمنها أنها زيارة مزعجة.
إن تونس، لمن يريد أن يعرف، بلد مغاربي تربطه بالمغرب علاقة أقدم من العلاقة التي تربطه بالجزائر كبلد جاء استقلاله بعد استقلال تونس والمغرب في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، فشكلت تونس ذرع الجزائر الشرقي وشكل المغرب ذرعه الغربي حتى نال بلد المليون شهيد استقلاله، وبدل الاعتراف بالجميل خلقت هذه "الدولة العظمى" كيانا وهميا يمكنها من تقزيم مكانة المغرب وتقوية ريادتها وزيادة مساحتها بما يجعلها قارة قائمة الذات. وكان بإمكان المغرب دغدغة مشاعر القبائل والطوارق ودعم توجهاتهم الانفصالية إلا أنه لم يفعل اقتناعا وإيمانا بضرورة الوحدة.
لقد أصبح المغرب متخصصا في القفز على الحواجز بعد قرار الجزائر إغلاق حدودها البرية في وجه الشعبين المغربي والجزائري خوفا من المد الحضاري الذي وصله المغرب والذي من شأنه أن يحرج السلطات الجزائرية. ونحمد الله على وجود وسيلة نقل اسمها الطائرة التي مكنتنا من الوصول في ظرف ساعتين إلى مطار تونس قرطاج لنصل الرحم بأشقائنا التونسيين الذين تربطنا بهم روابط الدم والدين واللغة والعرق والحضارة منذ آلاف السنين وليس اليوم فقط كما تروج له بعض الأبواق الشريرة. نعم هناك روابط ومشاعر وفوق كل هذا هناك تطابق في الرؤى والتوجهات وفي نوعية الأنظمة الاقتصادية أي أن المنطق السليم يفرض على البلدين نوعا من التكامل يكون المغرب العربي فيه هو الرابح الأكبر.
وككل الزيارات الملكية السابقة سارعت بعض الجهات الفرنسية عبر قناتها "فرانس 24" إلى زرع الفتنة بين الجزائريين والمغاربة باستدعائها للشرقاوي الروداني ولبلعيد للحديث حول موضوع ذي خلفية استعمارية قديمة والمعروفة ب"فرق تسد"، فدافع المغربي بأدب عن الزيارة وكونها لا تدخل في نطاق حرب المواقع والمنافسة على تونس والدول المغاربية بل هي صيرورة فرضها الواقع الجيوستراتيجي للمنطقة برمتها، بينما تفنن بلعيد الجزائري في استعراض "عظمة الجزائر" والتقليل من شأن المغرب والمغاربة ودعم شرذمة جمهورية الوهم والذل والعار بأسلوب أقل مايقال عنه أنه مستوحى من مقررات التعليم الابتدائي.
وفضلت قناة "فرانس 24" أن تقف موقف المتفرج غير البريئ بإعطائها كلمة النهاية للجزائري الذي استغل طيبوبة المغربي وثقافته الواسعة لنفث سمومه. إنني كنت أفضل أن تواجهه المدرسة الشباطية في علم الكلام بعد تغليفها بغلاف أكاديمي إذ لاينفع مع العداء المجاني سوى الردود القوية والرنانة، ولعل في اختيار شخص طيب مثل الشرقاوي، المعروف باختياره لكلمات "لطيفة"، نية مبيثة أيضا لجعل كفة المفكر الجزائري ترجح والذي، للتذكير فقط، أصبح موظفا قارا لقناة فرانس24 "تيتي، نيني، ݒـيـݒـي، خيخي، ومنيمني طبعا "!!!!!!!!
المفروض والمفترض على من يدافعون عن قضيتنا العادلة أن يكونوا أقوياء أشاوس "تيشرطوا للقباحة" يضربون الأعداء في الصميم ويصيبونهم في مقتل بكلمات رنانة منتقاة تختصر المسافة إلى الهدف المنشود وتعطي للمشاهد المغربي والأجنبي فكرة عن قوة المغرب والمغاربة لأن المهادنة مع العدو قد تترجم إلى ضعف.
وفي الأخير ما يهمنا هو أن الزيارة كانت ناجحة رغم كيد الأعداء ورغم الافتراءات، ظهر فيها الملك مرفوقا بولي عهده وصنوه كدليل على أن الحاضر هو ما رأيناه من انتصارات متوالية يعود فيها الفضل كل الفضل إلى العاهل المغربي محمد السادس وتعطينا الأمل بأن العلاقات التونسية المغربية تستشرف المستقبل المتمثل في ولاية العهد تماما كما كانت في الماضي أيام الملكين الراحلين الملك محمد الخامس ووارث سره الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما.
اليوم نحن في تونس الخضراء الديموقراطية وغدا بحول الله في روسيا "واللي عند وشي كرعين أوسوفل يتبعنا ! !!!" "بـاي بـاي يا دلالي !!"