تعيش الجمهورية الفرنسية في عهد فرنسوا هولاند مشاكل عديدة قد تعصف بالنمط الجمهوري، ولأول مرة منذ سنة 1968 يهدد قادة الجيش والقوات المسلحة الفرنسية بتقديم استقالتهم، وذلك نتيجة الرعونة والطريقة التي تتصرف بها الإدارة الفرنسية في معالجة المشاكل الدولية ذات الطابع العسكري، خصوصا التورط في قضايا ليس حولها إجماع دولي أو محاولة القفز على الواقع، والتنكر للحلفاء الحقيقيين في المنطقة كالدور المغربي الرائد في حلحلة أزمة مالي. وتعتبر انتفاضة الجنرالات في فرنسا بادرة خطيرة على الانقلاب الديمقراطي الذي يمكن أن يحدث نتيجة سياسات هولاند التي لا ترقى إلى تاريخ الجمهورية الفرنسية العريق في خدمة قضايا السلم العالمي، وهو إنذار خطير لحكام قصر الاليزيه. ولم تجد حكومة الاشتراكيين من طريق لحلحلة مشاكلها سوى الاستمرار في التحرش بالمغرب، حيث أصبحت هذه هي طريقتها الوحيدة للتغطية على فشلها في إدارة الأزمات بشمال إفريقيا. واستمرار في نهجها التحرشي قامت السفارة الفرنسية بالرباط بعقد لقاء بين قاض مغربي معروف بمواقفه غير المنسجمة مع الجسم القضائي وبين القاضي الفرنسي المقيم بالرباط، وقد قامت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون باستدعاء السفير الفرنسي بالرباط ليقدم له احتجاج الحكومة المغربية. وكانت سفارة فرنسا في الرباط قد احتضنت الأسبوع الماضي جلسة مناقشة حول التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا شارك فيها عن الجانب المغربي القاضي عنبر عن نادي قضاة المغرب، حيث اعتبر تعليق المغرب للتعاون القضائي مع فرنسا غير مبرر. من جهة أخرى فإن فرنسا، تناست الدور المغربي في معالجة مشكلة شمال مالي، حيث أنقذ المغرب فرنسا من التورط في شمال مالي بعد أن تركها العالم لوحدها وتخلى عنها حلفاؤها، وجدت المغرب مهيأ للوقوف إلى جنبها وقد تم إنقاذ ماء وجهها. لكن الجمهورية الفرنسية لم تعد وفية لأخلاق شركاء الحرب كما كانت على عهد الرؤساء السابقين منذ الجنرال دوغول الذي يعتبر الملك الراحل محمد الخامس رفيق السلاح. غير أن فرنسا لم تعد تلك الدولة الكبيرة التي لها استراتيجيات واضحة في المنطقة وفي إفريقيا خصوصا وفي دول العالم عموما، لكن فرنسا أصبحت اليوم صغيرة جدا ولم تعد الدولة ذات الأفكار الكبيرة، بل يحرجها اليوم التحرك المغربي في إفريقيا بل أزعجتها الزيارة الملكية لأربع دول إفريقية وانفتاح المغرب على محيطه الإفريقي، حيث اعتبرت هذا التوجه منافسة لنفوذها. لكن الأفارقة يرون أنه أصبح لزاما أن يقولوا لفرنسا كفى نهبا لخيراتنا دون جدوى، حيث ما زالت بعض العواصم التي افترستها باريس مثل دور الصفيح، لكن الدخول المغربي تميز بمشاريع الإنتاج الكبيرة التي وضعها المغرب في وضوح تام.