لوهلة اعتقدت أن التقرير حول التعذيب الذي قدمته منظمة العفو الدولية يتعلق بسنوات الرصاص التي عرفت ابتكار أشهر أنواع التعذيب بالمغرب ناهيك عن استيراده لأشكال أخرى أكثر إبداعا وفعالية من بعض ديكتاتوريات أمريكا اللاتنية .
لا يجب أن يفهم من كلامنا أننا نتحدث اليوم عن جنة فوق الأرض. غير أن الشكل الذي قدمت به المنظمة الدولية المشهود بكفاءتها في هذا المجال يعطي انطباعا على أن التعذيب في المغرب يعتبر سياسة ومنهاجا للحصول على الاعترافات من المتهمين.
في الحقيقة سجلت العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية المغربية العارفة ب«خروب البلاد» حالات اعتداء وتجاوزات وخروقات، لكنها ظلت حالات معزولة. والكلمة هنا لا يجب أن نفرغها من محتواها فما الذي نعنيه بهذه الحالات المعزولة؟
يعني ذلك أن الشخص الذي قام بهذا العمل اللاقانوني الذي يعد خرقا لحقوق الانسان لم يتلق تعليمات من رئيسه أو من شخص ذي نفوذ. طبعا هناك حالات عديدة لأشخاص استغلوا نفوذهم وسلطتهم أثناء الاعتقالات أو التحقيقات مع متهمين لكنها حالات فردية، يعاقب عليها القانون بطبيعة الحال، وسبق لمثيلاتها أن انتهت بفتح تحقيق ومعاقبة المعتدين.
الشكل الذي وضعت به منظمة العفو المغرب ضمن مجموعة استهدفتها بحملة خاصة لانتشار التعذيب بها يعطي الانطباع على أن الدولة تعتمده كسياسة لانتزاع الاعترافات. المجموعة التي حشرت فيها منظمة العفو المغرب تضم أيضا المكسيك، الفيليبين، نيجيريا وأوزبكستان، وقد أشارت فيها إلى المغرب بالشكل التالي «المغرب والصحراء الغربية»، وهو مؤشر واضح على تأثير البروباغوندا الجزائرية والانفصالية على تقارير منظمة العفو من خلال الأخبار الملفقة والفيديوهات المزيفة.
لاشك أن حساسية الوضع بالصحراء المغربية المرتبط باستفزازات الانفصاليين اليومية يتطلب من الأجهزة الأمنية عملا احترافيا متميزا، لكن مقابل هذا العمل، بات من الضروري هذه المرة على مستوى التراب الوطني بمختلف جهاته أن تتلقى تعليمات صارمة في احترام حقوق المواطنين كافة، فحالات الإهانة والحط من الكرامة والسب تنتشر في بعض الكوميساريات، وهذا الأسلوب غير اللائق يولد الاحتقان في العديد من الحالات، ما يؤشر على ضرورة التكوين المستمر لرجال الأمن والسلطة ليس فقط على مستوى حقوق الانسان بل أيضا على المستوى النفسي والتعامل مع المواطنين سواء الأبرياء أو المتهمين.
خلاصة القول يمكن أن نقر بأنه لا وجود لتعذيب ممنهج في المغرب بالمقابل مازال أمامنا الكثير من العمل لترسيخ مبادئ حقوق الانسان في أجهزة الأمن والسلطة.
بقلم محمد أبويهدة.