استضاف البرنامج الحواري "حديث العواصم " الذي تقدمه قناة "فرانس 24" ويعدّه الصحفي جمال بدومة، ليلة الأحد، كل من عبد الرحيم أريري مديد تحرير صحيفة "الوطن الآن" وعبد اللطيف حسني مدير تحرير مجلة " وجهة نظر" وكذلك محمد مدني أستاذ القانون الدستوري، فيما دار النقاش حول كتاب الأمير مولاي هشام " مذكرات أمير منبوذ" هل هو شهادة للتاريخ أم خطة للحكم؟
كان البرنامج مناسبة استغلها عبد الرحيم أريري، لسبر أغوار مضامين الكتاب، وقراءة مابين سطوره، بعين نقدية لصحفي يملك من الخبرة والتجربة ما يجعله ينتقل بالمتلقي من فكرة إلى أخرى مسلطا كشّافاته التنويرية على الحقائق بجرأة أكبر، إلى حدّ وصف فيه الكتاب بـ " غير الموضوعي" ويهدف إلى "تصفيات الحسابات..لأنه جاء مبتورا وليس صادقا يهدف إلى تدمير المغرب واحتقار النخب المغربية كلّها" بسبب "أفول أوهام الربيع العربي المزعوم..وأطماع الأمير في الملك".
كانت تدخلات الحلقة تثير فضول المعرفة لدى المشاهدين، وتفتح شهية المتابعة، كما تحرك ملكة استكشاف شخصية الأمير مولاي هشام، ليس "المنبوذ" كما يصف نفسه، ولكن "المستفيد من المأذونيات و مئات الهكتارات من أراضي الريع الخ.."
هذه الممتلكات العمومية في أصلها دفعت عبد الرحيم أريري إلى طرح سؤال غاية في النباهة حين توجه مخاطبا الأمير مولاي هشام" أليس حريا بك أن تعيد تلك الممتلكات إلى الدولة و الشعب..وتتنازل معها عن صفة الأمير وجوازك الدبلوماسي لتكون أيّها الأمير منسجما مع ما تدّعيه في كتابك؟؟
وككلّ حوار تلفزيوني له " بهلوان" قد يثير الشفقة أو الغثيان، فقد اختار عبد اللطيف حسني مدير مجلة "وجهة نظر" هذا الدور مكرها وليس بطلا بطبيعة الحال، لأنه واحد ممن ريصفهم الأمير ب"الخدم" ... واحدا ممّن قال فيهم كارل ماركس: "ان الذين يحاولون تكرار لعب نفس الدور وفي زمن متقدم... يفعلون ذلك لكن بطريقة كاريكاتورية تضحك كلّ الناس".
و فعلا كان منظّر "المتمركس" والخديم المطيع لأجندة سيّده مولاي هشام" يعود إلى الستينيات من القرن الماضي، وهو يبحث عن ثقب إبرة ينفذ منه للدفاع عن مهاترات الأمير وافتراءاته، ثقب بحجم وخز ابرة على جسد التاريخ العريض لينفث سمومه، دون أن يعلم من فرط عبوديته أنها سموم كلامية فقدت صلاحيتها، و هي اليوم في مزبلة تاريخ الغوغائية والدماغوجية فقط ،وليس التاريخ بطبيعة الحال، لأن هذا الأخير أكبر بكثير من عبداللطيف حسني وخدم الأمير من الكتبة وعبيد الشيكات والإتاوات، وبعيد منه حين يتحدث عن المغرب بعقلية "حكم الرجال للرجال بإرشاء الرجال" وهي سياسة مولاي هشام لتحقيق مآربه الانتهازية قولا وفعلا، حيث كلّما اقترب "الأمير المنبوذ" من القصر تحدث بمديح وتزلف.. وكلما ابتعد منه فتح نيران الهجاء والمطالبة ب"مجلس للعائلة المالكة" كما حدث سنة 2006 انسجاما مع الشوافة نادية ياسين وأحلام جماعة المستبصرين والدجالين والمشعوذين أصحاب "القومة" ، ومرّة مع الخريف العربي الذي فتح بلاد العرب على الإرهاب وجحيم النار والحديد ولأضغاث الأحلام قصة تطول إلى ثورة "الكامون" جعله الله شفاء لإسهال المرضى من أمثال عبد اللطيف حسني .