مرة أخرى يعطي الملك محمد السادس إشارة الانطلاق لورش من الأوراش العديدة والمتنوعة التي يحفل بها مشروعه التنموي الحداثي بكل تجلياته وأبعاده الإنسانية والسوسيو ثقافية التي من شأنها أن تعطي المغرب القفزة النوعية المطلوبة. وسواء تعلق الأمر بالرباط و بالدار البيضاء أو طنجة أو مراكش أو وجدة ـ في انتظار مدن وجهات أخرى ـ فالمشروع واحد وإن تعددت الأوراش : مشروع المغرب الحداثي الذي يوجد مكانه الطبيعي ضمن الدول المتقدمة والمتحضرة من خلال مختلف الأوراش التي أخذت طريقها للتنفيذ في أكثر من مدينة وأكثر من جهة . إنها رؤية ملك واع بمشاكل البلاد وحاجياتها. ملك يدرك أن منح بلاده جميع وسائل التنمية والتقدم والازدهار بالمواصفات الدولية لا تتعارض أبدا والموروث الثقافي والحضاري الضارب بجذوره في أعماق التاريخ للمملكة . هذه الرؤية الواعية المتبصرة هي التي بإمكانها أن تجعل المغرب في ركب الدول السائرة في طريق الحداثة والحضارة . بمعنى أن المغرب الذي يتطلع ، بقوة وثقة ، إلى الأخذ بمختلف أساليب الحضارة الحديثة هو نفس المغرب الذي يعض على النواجذ بمخزونه الثقافي الضخم، وهو مخزون يتوفر على احتياطي هائل من الحضارة ، غير قابل للنفاذ أو الذوبان أو الاختفاء ، أين منها احتياطات النفط والغاز المهددة ، دوما بالانقراض .هنا يكمن سرّ المنعة والمناعة ، ومكمن التحصّن والحصانة . سواء تعلق الأمر بورش تنموي هنا وهناك في ربوع المغرب، فالمشروع المحمّدي واحد في منطلقاته وأهدافه التي تلتقي في غاية واحدة تتمثل في تمكين المملكة بجميع وسائل التقدم والرخاء والرفاه على أساس متين وصحيح .إنه مشروع الأنوار التي تشعّ أضواءه على مجموع التراب الوطني ، بشكل يشمل الجميع ويشرك الجميع في مجهود التنمية الكبير الذي أعلن عنه الملك محمد السادس منذ جلوسه على العرش . هذا المشروع الذي من شأنه أن يحث القفزة الكبرى بالطريقة المغربية ، والرؤية المغربية في تفاعل وانسجام مع المعطيات الحديثة والإمكانات العصرية ، هو الذي يكسب الوطن عزّته ويمنح المواطن اعتزازه بنفسه وببلده وبتاريخه وحاضره ومستقبله ، وهو الذي يعبد الطريق أمامه ليسير مرتفع الرأس نحو المستقبل بكل ثقة واعتزاز ، وبكل هدوء واطمئنان. الملك أعطى إشارة الانطلاقة ، وأرسل الرسالة الواضحة المعاني والمباني التي تدعو الجميع إلى تحمّل المسؤولية وعدم الارتكان إلى المبررات والمحاججة الواهية التي لا تستقيم على منطق ولا قانون أو أخلاق . مشروع الأنوار هو مشروع المغرب الكبير والأول والأخير الذي لا يحتمل أيّ تعثّر أو تأخير. المرحلة مرحلة بناء وتشييد لإقامة صرح المغرب الحداثي ، مغرب الغد ، المغرب المتطلع ، المتحفز لأخذ بجميع أسباب التقدم والازدهار بدون عقد ولا مركبات نقص ، وبمشاركة الجميع من أبناء الوطن العزيز.
النهار المغربية.