في أعراف الصحافة التي تربت عليها الأجيال تلو الأجيال، أن إعادة نشر أي مقال من المقالات أو حوار أو تصريح لشخصية معينة في مكان آخر يخضع لعدة اعتبارات، وأهم هذه الاعتبارات هو قيمة المضمون أو سمعة صاحبه أو انتماء صاحب الكلام للمؤسسة التي تعيد النشر سواء كان ممولا أو كان زعيم حزب أو جمعية تصدر عنها الوسيلة الإعلامية. رأينا أن هذه الكلمات التمهيدية ضرورية لفهم إعادة نشر مقال عن مولاي هشام مع صحيفة "نيويروك تايمز" الأمريكية من قبل موقع مغربي. فهل أراد أن يحدث الضجة بإعادة النشر؟ هل أراد أن يرفع عدد المبحرين على صفحاته؟ أم أن هناك أمر آخر وخلفية أخرى؟ لقد تأكد أن مولاي هشام "مكيبيعش" كما يقال في الصحافة بكافة أنواعها. يعني أنه لا يمكن أن يروج لمؤسسة إعلامية، فالرجل لم يتمكن من بيع كتابه "مذكرات أمير منبوذ" فبالأحرى أن يروج لحوار هنا وهناك. فلقد تم صرف أموال طائلة للترويج للمذكرات لكن دون جدوى كما أكد مسؤول بدار النشر والتي تكبدت خسائر فادحة بعدما كانت تعتقد أن كتاب الأمير سيحدث "البيست سيلر" في الموسم الثقافي الحالي، لكن الناشر يحاول التعويض عن ذلك بمذكرات لاعب كرة القدم ميسي. إذن إذا كان مولاي هشام "لا يبيع" فإن فرضية إعادة النشر من أجل إعادة الانتشار فرضية خاطئة، وبالتالي تبقى الفرضية القريبة للحقيقة هو أن مولاي هشام يمول الموقع المذكور بمبالغ مالية حتى يكون رهن إشارته في أية لحظة يريد فيها الدعاية لنفسه. فالموقع ينتمي لصنف الصحافة التي تدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والذي لا يكل صاحبه وصاحبته في الحديث عن نوع من أنماط الحكم التي يروج لها مولاي هشام، كما أن العلاقة بين الطرفين لم تعد خافية، غير أن صاحب الموقع يريد أن يظهر بمظهر الصحفي الناجح، وهو كذلك ناجح في التسلق وربط العلاقات شرقا وغربا وهي كلها علاقات مدرة "للربح". أما من حيث المضمون فإن المقال أفصح عن عقدة مولاي هشام، وهي أمور أصبحت معروفة في علم النفس بما فيها علم النفس الإكلينيكي، فمولاي هشام عاد للحديث عن والدته، فلم يكن همه أن يقول إنه هو وأمه كان من المفروض أن يكونا "عند الله" ولكن كان يريد أن يتحدث عن والدته فقط. وكلما تحدث عن والدته عاد للحديث عن جده رياض الصلح الوزير الأول اللبناني الشهير الذي تم اغتياله في الخمسينات من القرن الماضي كما يُتهم هو أيضا باغتيال أنطون سعادة الصحفي الشهير وأحد مؤسسي الحزب القومي الاجتماعي السوري. وأصبح واضحا أن مولاي هشام يحاول الرفع من أسهم انتمائه لأمه والحط من انتمائه لوالده الذي قال عنه أشياء قبيحة في كتابه والعياذ بالله من هذا العقوق.
النهار المغربية.