يبدو أن فرنسا لم يعد يروقها أن يكون المغرب إحدى الوجهات السياحية التي يتقاطر عليها آلاف السياح الفرنسيين بغزارة، وأفضل وجهة يقصدها الفرنسيون بعد حصولهم على التقاعد، متقدما على كل من التايلاند وجزر الموريس وتونس والبرتغال...
وقد بررت دراسة نشرتها الصحافة الفرنسية في مستهل هذه السنة احتلال المغرب لهذه المرتبة بما يتمتع به من استقرار وأمن.
وتشير معطيات وزارة الداخلية الفرنسية حول الفرنسيين المقيمين خارج فرنسا إلى أن المغرب هو عاشر وجهة للفرنسيين الذين يفضلون الاستقرار خارج بلدهم، وبذلك يكون المغرب هو أول بلد عربي وإفريقي من حيث عدد المواطنين الفرنسيين الذين يستقرون خارج بلدهم.
وقد قدرت الوزارة الفرنسية أعداد الفرنسيين المقيمين في المغرب بأكثر من 45 ألف مواطن فرنسي يعيشون في المغرب.
غير أن وزارة الخارجية الفرنسية لم يعد يعجبها هذا الوضع المتميز الذي يحتله المغرب، فأرادت أن تشوش على مواطنيها الذين يفضلون هذه الوجهة، فأصدرت نصائح بلهاء تحذرهم فيها من:
أولا: التهديدات الإرهابية المحتملة، رغم أن المغرب نجح من خلال المقاربة الاستباقية التي يعتمدها في مكافحة الإرهاب وفي تفكيك أغلب الخلايا في المهد، وهي مقاربة تحظى بتنويه المنتظم الدولي لما تتمتع بها من فعالية ونجاعة.
ثانيا: الزلازل، علما أن الزلازل ظاهرة طبيعية لا يمكن لأي بلد أن يتحكم فيها ولا في درجاتها على سلم ريشتر، وعلما أيضا أن المغرب لم يعرف أي زلزال مدمر منذ حوالي 10 سنوات ( زلزال الحسيمة)، ويعرف كباقي الدنيا هزات خفيفة متفرقة هنا وهناك غالبا ما لايحس بها الناس بل يرصدها فقط المختبر الوطني للزلازل.
ثالثا: السرقة والإجرام، وهي ظواهر تتفشى في كل أنحاء العالم، وفي هوامش المدن الكبرى بما في ذلك ضاحية باريس.
رابعا: الاتجار واستهلاك المخدرات، وهو ما يعني أن شهية بعض المواطنين الفرنسيين الذين يقصدون المغرب تكون منفتحة للاتجار في المخدرات أو تهريبها، أما المغرب فإنه يحارب الظاهرتين معا بضراوة، ويحجز سنويا آلاف الأطنان من مخدر الشيرا أو القنب الهندي، لكن جهوده تصطدم بتغاضي بعض البلدان الأوروبية عن الاستهلاك، مما يتسبب في ارتفاع الطلب على هذه المادة.
قد تكون هذه التحذيرات عارية من الصحة، ولا تستند إلى أي أساس واقعي بل تندرج في سياق الأزمة التي تخيم على العلاقات بين البلدين بفعل قرار المغرب ممارسة سيادته الدبلوماسية المطلقة، والدعوة الشهيرة التي أطلقها الملك محمد السادس : " إفريقيا لا تحتاج إلى المساعدات بل إلى الشراكات"، وهو المنطق الذي يريد المغرب أن يتعامل به مع الأشقاء الأفارقة مع كل ما يحمله من مخاطر على مصالح الدول الاستعمارية القديمة.