هل يعرف الجزائريون ، الإعلاميون منهم وعموم المواطنين ، شيئا عن محمد عبد العزيز الذي نصبه النظام الجزائري رئيسا لجمهورية البوليساريو الجزائرية؟ ومن هو هذا الرجل الذي جيء به من طرف المخابرات الجزائرية لينصّبوه على رأس مجموعة من المواطنين الذين تم اختطافهم من منازلهم وخيامهم بالأقاليم الجنوبية بالصحراء ونقلهم إلى تندوف للإقامة في مخيمات بالرغم عنهم ، ويتم تقديمهم كلاجئين ؟ هل تساءل المواطنون الجزائريون أو سعوا لمعرفة أسباب الوجود المسلح لعناصر "البوليساريو" في بلادهم ؟ ومن سمح لعناصر انفصالية تناصب العداء لوطنها الأب (المغرب)، انطلاقا من أراضيهم ، وتصدّر الفتنة والإرهاب والتهريب في دول الجوار ؟ أكثر من ذلك ، هل تساءل "ممثلو الأمة" في البرلمان الجزائري كم يكلّف وجود "البوليساريو" من أموال الشعب الجزائري ؟ بل ما هو ، بالتحديد ، حجم المبالغ المالية التي خصصها النظام الجزائري لطغمة انفصالية والميزانيات السخّية التي استفادت منها هذه الطغمة منذ إخراجها إلى حيز الوجود من طرف العسكر الجزائري ؟ وكم "التهمت" من أموال الشعب الجزائري ، وعلى حساب الشعب الجزائري، منذ سنة 1975؟ ثم هل يعرف الجزائريون شيئا عن عدد المحتجزين ،نساء ورجالا وأطفالا، في غيتوهات تندوف ؟ وهل تساءلوا ـ مجرد تساؤل ـ لماذا لا يتم إحصاؤهم ، وفتح أبواب غيتوهات تندوف أمام الرأي العام الوطني والدولي؟ وهل يعرف الجزائريون أن عدد الصحراويين المحتجزين ،الذين يذهبون إلى الأقاليم الصحراوية المغربية في إطار الزيارات العائلية ، يرفضون العودة إلى تندوف ، ويصرون على البقاء في المغرب ؟ أسئلة، وغيرها كثير، يعتبرها النظام الحاكم في الجزائر خطوطا حمراء لا يجوز للصحافة ، بمختلف مشاربها وتخصصاتها، الاقتراب منها ، فبالأحرى طرحها ، وإلاّ فسيعتبر ذلك مسّا خطيرا بأمن الدولة . إنه الصمت الرهيب الذي يفرضه نفس النظام على الجميع حول هذا الموضوع . لكن هذا الصمت المفروض يجعل الأجهزة الإعلامية متورطة ومشاركة في المؤامرة. فماذا جنت الجزائر من سياستها العدائية ، المعلنة ضد المغرب ، منذ ما يقرب من أربعين سنة ؟ وماذا فعلت من أجل تقارب الشعوب المغاربية وتعزيز علاقات دولها الخمس؟ إن محمد عبد العزيز المراكشي، الرئيس المنصب من طرف العسكر والمخابرات بالجزائر، من أصل مغربي . رأى النور بمدينة مراكش ـ ليس حتى في الأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية ـ يوم 17 غشت 1947 . عائلته توجد دائما في المغرب أخوه الأصغر الدكتور الركيبي، طبيب جراح بالدار البيضاء . الأخ الثاني لمحمد عبد العزيز المراكشي ، هو الحبيب الركيبي المحامي بهيئة أكادير.أما أبو رئيس جمهورية البوليساريو الجزائرية ، فهو خليلي محمد سالم الركيبي؛ متقاعد في صفوف القوات المسلحة الملكية ، وعضو في المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية (الكوركاس). أية علاقة بين مغربي ، أبا عن جد، وبين نظام الجزائر الذي التقطه ورعاه ومدّه بالعدّة والعتاد لقتل إخوانه المغاربة وتعذيب الآخرين الذين يوجدون تحت سيطرته وقبضته بمخيمات تندوف ، ويأخذ ، وزمرته ،أجرا غليظا ـ بدون تبرير ولا سند قانوني ـ من المال العام الجزائري ؟ لكن النظام هناك وضع منذ اليوم الأول خطوطه الحمراء التي لا يجرؤ أحد من الاقتراب منها ، كانوا وزراء أو برلمانيين أو صحفيين أو فاعلين جمعويين أو أحزابا ونقابات أو مجرد مواطنين . لأن موضوع "البوليساريو" طابو لا يجوز التطرق إليهن بل هو سر من أسرار الدولة في الجزائر. وبما أن هذا النظام يعتبر الأمر كذلك ، فإن أولوية الأولويات في برنامجه هو الاستمرار في معاكسة المغرب ، والاستمرار في إثارة الفتن والشغب داخل الأقاليم الجنوبية المسترجعة بفضل المسيرة الخضراء ، وشراء ذمم الهيئات الحقوقية والإعلامية الدولية والمنظمات الأممية من أجل إحراز أصوات معادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية في أفق فرض تقرير المصير وتحقيق حلم "جمهورية البوليساريو الجزائرية".وليذهب الجزائريون وسكان الطوارق وغرداية والقبائل ، وحقهم الثابت في تقرير مصيرهم ، إلى الجحيم . فحق "البوليساريو" أولى وأغلى وأسمى من حقوقهم . أما مسألة بناء الوحدة المغاربية ،وإخراج الاتحاد المغاربي من النفق الذي أدخلته إليه الجزائر منذ عقود من أجل الانفصاليين، فمسألة يمكن تأجيلها إلى وقت لاحق : حتى يحقق النظام أحلامه التوسعية وأوهامه الريادية من خلال إضعاف وتفتيت وحدة الدول المغاربية وفي المنطقة الساحلية الصحراوية بتعاون وثيق مع أضلع الدول المؤيدة للانفصال في القارة الإفريقية . في انتظار أن يعرف أو يطالب الجزائريون بحقهم في معرفة كل هذا ، حينها يمكن الحديث عن الوضع السليم للاتحاد المغاربي ،و الوضع الآمن في منطقة الساحل والصحراء ، وعن العلاقات المغربية الجزائرية السوبرممتازة.
حمادي الغاري.