فادى عيد المحلل السياسي بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية والسياسية
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الموريتانية فى 21 يونيو المقبل، و تقديم الرئيس الموريتانى " محمد ولد عبد العزيز " اوراق ترشحه لفترة رئاسية ثانية، بالتزامن مع مرور أكثر من ثلاث اعوام على الربيع الاخوانى بمنطقة الشرق الاوسط، و ما يدور حولنا من متغيرات بالسياسة الدولية و موازين القوى العالمية، تتشكل بوادر ازمة جديدة بين حزب التجمع الوطنى للاصلاح و التنمية " تواصل " الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمون بموريتانيا والسلطة الحاكمة في البلاد.
هي الازمة التي تحولت منذ اسابيع قليلة إلى صدام مباشر جائت اولى جولاته بقرار وزارة الداخلية الموريتانية بحظر جمعية " المستقبل للدعوة والتربية والثقافة " و اغلاق مركز " النور الصحى " و كذلك مركز " تعليم البنات الخاص " وهى مراكز تابعة للتيار الاسلامى، ثم اعتقال بعض النشطاء المنتمين لجماعة الاخوان المسلمون عقب احداث شغب في أول مارس الماضي . و يأتى ذلك أمام ثبات حقيقى من الرئيس " محمد ولد بن عبد العزيز " اللواء السابق بالجيش الموريتانى المدعوم سياسيا و اقتصاديا من دول الخليج المناهضة لحكم جماعة الاخوان، والذى تمر علاقاته بنوع من الفتور مع كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بسبب تأخر ارسال المعونات العسكرية لمكافحة الارهاب، و التأكيد الدائم من قبل " محمد ولد بن عبد العزيز " فى كل تصريحاته، سواء للاعلام الداخلى الموريتانى أو الخارجى على كامل عزمه للقضاء على الارهاب الفكرى الداخلى، و رفض انشاء احزاب على أساس دينى، أو الارهاب المسلح الذى يأتى عبر الحدود مع دول الجوار، وبالاخص عبر الحدود مع دولة مالى بعد دعم القوات الفرنسية، ولو بشكل غير مباشر فى عملية " سيرفال " التى شنت ضربات عسكرية ضد الجماعات الجهادية بشمال مالي .
قد تكون جميع ادوات انفجار " الربيع الاخوانى " متوفرة فى موريتانيا من قيادات وكوادر، و من رغبة فى العنف، ومن تيار سلفى حليف، و لكن يبقى أهم شئ قبل السيف والدرع والرمح الا وهو الجواد الذى يمتطيه الاخوان دائما فى الربيع المزعوم، وهو الحراك الشبابى من التيارات غير الأصولية، وهذا غير متوفر بقدر كافى فى موريتانيا، و هو ما يجعل المعادلة فى موريتانيا محصورة بين قبعة الجنرال واللحية، وأكبر دليل على ذلك عدم تقدم أي شخص بأوراق الترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة سوى الرئيس الحالى، بينما اكتفى الداعية الحقوقى " بيرام ولد اعبيد " بالإعلان فقط عن نيته الترشح، و اعلان باقى الاحزاب المقاطعة وعدم المشاركة فى الانتخابات .
فهل سيتخذ اخوان موريتانيا مسار الصدام مع الشعب والحكومة فى الوقت غير المرغوب فيهم من محيطهم الاقليمى، أم سيسلكوا مسار حركة حماس بقطاع غزة، و أتباع مبدأ التقية والمهادة و لو لفترة من الوقت، خاصة وأن اخوان موريتانيا مازالوا يمروا بمرحلة الاستضعاف ( على حسب معايير و مفهوم الجماعة ) و الظهور بوجه المسالم والرضوخ بعض الشئ لقرارت الحكومة الموريتانية، و التزام الصمت أمام انتقادات الشعب، فإذا كان توهم لبعض من الوقت لقيادات الاخوان بمصر ( العمود الأساسى للتنظيم الدولى ) أن ساعة التمكين قد جاءت بعد تولى " مرسى العياط " الحكم، ثم لم يكتمل حكم الاخوان لرئاسة مصر سوى عام واحد فقط، و سقطوا من على كرسى الحكم، اذا إلى أى مرحلة يرى فيها جماعة الاخوان المسلمون أنفسهم فى موريتانيا، بالتأكيد لن يجيبنا أحد من جماعة الاخوان، وإن صدرت اجابة ستكون بالتأكيد غير صادقة، و لكن الأيام القادمة هى التى ستصدق وتقول لنا الإجابة الحقيقية.