صوفية المنصوري*
أيها الأمير.
أردت أن أبدأ معك النقاش بملف قضيتنا الوطنية الأولى –ملف الصحراء-ملف طال أمد نزاعه مدة 38 سنة وليس من المستبعد أن يطول لسنوات أخرى؛ دعني أيها الأمير أسجل أولى ملاحظاتي.
على طول الصفحات القليلة التي أفردتها لهذا الموضوع لم أجد لفظ الصحراء المغربية؛ وتساءلت كيف لمن قال جهرا وسرا وبالإشارة وبغيرها أنه أمير وتمسك بصفته الأميرية و بانتمائه للأسرة العلوية؛وأظهر بوضوح غضبه من فقده لصفة "صاحب السمو الملكي" أن يتحدث عن ملف الصحراء بلغة منظمة هيومن رايتس ووتش و بلغة القانون الدولي ولا يتحدث عنها بلغة المغربي المؤمن بعدالة قضيته.
أيها الأمير.
تعرف كما يعرف الجميع أن في شهر أبريل موعد تجديد ولاية المينورسو ؛يكثر اللغط وتشتد حمى الخصوم حيث لايضيعون فرصة ؛ إلا ويحاولون جاهدين تجييش مناصريهم واختلاق الاكاذيب والقيام بحملة مغرضة؛الهدف منها منذ سنوات حث المنتظم الدولي على توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء ؛لضرب السيادة المغربية والعودة الى وضع ما قبل المسيرة الخضراء .
في خضم هذا اللغط تدلي برأيك في ملف الصحراء في حوار مع جريدة لوموند الفرنسية و تقول في مجمل ما قلته "سأقف عند هذا الحد لأنني ان تحدثت عن تقرير المصير سأصنف كخائن للوطن "؛ثم يصدر كتابك وفي تصريحاتك على قناة فرانس 24 اعتبرت أن محطة المسيرة الخضراء لابد أن تسجل بماء من ذهب في تاريخ المغرب .
في حين في كتابك لم أجد توصيفا كهذا للمسيرة الخضراء ؛ بل الأدهى من هذا أنك تركت جانبا تاريخ المغرب في مقاومته للاستعمار الذي فصل شماله عن جنوبه ؛واعتبرت أن تاريخ النزاع حول الصحراء يعود الى حلم علال الفاسي "بالمغرب الكبير"الذي يضم موريتانيا وجزءا من الصحراء الجزائرية ؛ثم تضيف أن المغرب كان ضد حصول موريتانيا على اعتراف الأمم المتحدة بسيادتها ؛فلم يبق للمغرب إلا رمال الصحراء الغربية "المستعمرة الاسبانية السابقة" حيث وجد الحسن الثاني في هدا الملف ضالته وفرصة لتحقيق حلم علال الفاسي وهدية من السماء لتحقيق نصر سياسي يتبث به دعائم شرعيته كملك .
كيف لك أيها الأمير أن تفرغ ملفا بحجم ملف الصحراء من كل حمولته التاريخية و الجغرافية و السياسية ؛وتقدم لنا هذه القراءة التي يمكن أن تصدر عن أشخاص لاتربطهم بالمغرب صلة ويجهلون تاريخه في مكافحة الاستعمار و في النضال من أجل استرجاع كامل ترابه .
فحتى قرار محكمة العدل الدولية الذي يشكل دليلا من الأدلة الثبوتية على مغربية الصحراء ويقدمه المغرب كوثيقة قانونية في نزاعه؛اعتبرت ان المغرب قام بقراءة مغلوطة للقرار لأنه اكتفى بالعبارة التي تقول " بأن هناك روابط البيعة بين الصحراء الغربية والمغرب"وترك جانبا عبارة"لكن ليس هناك روابط سيادة إقليمية
أيها الأمير.
الصحراء الغربية مغربية واسترجاع أقاليمنا الجنوبية لم يكن حلما توسعيا للحسن الثاني وزعيم الحركة الوطنية علال الفاسي ؛ان ملف الصحراء ومعه استرجاع أقاليمنا الجنوبية التي أخذها المستعمر هو جزء لايتجزأ من نضال أب الأمة جدك المغفور له محمد الخامس الذي قبل المنفى على ألا يفرط في أي جزء من تراب المغرب .
سأذكرك بخطابه بعد استقلال المغرب في أول زيارة له للأقاليم الجنوبية سنة 1958 حيث قال "أننا سنواصل العمل بكل مافي وسعنا لاسترجاع صحراءنا و كل ما هو تابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان" .
أيها الأمير.
لقد ظل المغرب على الدوام مؤمنا بعدالة قضيته وبسيادته على أقاليمه الجنوبية ؛نعم لقد شابت الملف أخطاء كثيرة وأصيبت دبلوماسيتنا بالوهن في العديد من المرات ؛استغلها خصومنا لتسجيل نقاط عديدة ؛لكن هذه لا يعني بتاتا أن نمنح الخصوم الأسلحة لمواجهتنا كأن تقول كما قلت بأن الحسن الثاني أراد تضخيم عدد الأشخاص الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء على الصحراء من 100 ألف الى 200 ألف لحسم الأمر في الملف عبر صناديق الاستفتاء.
كيف لنا أن نفسر عبارتك في ص 151 " الى يومنا هذا عدد كبير من الصحراويين يعتبرون أنفسهم مستعمرين في حين أن المغاربة يظنون ببساطة أنهم في أرضهم "
من هم الصحراويون ومن هم المغاربة ؟ على حد علمي حتى في القانون الدولي ليس هناك شعب صحراوي .
أيها الأمير.
لقد آلمني كمغربية أن أجد في وكالة أنباء عبد العزيز المراكشي مقالا يستشهد بما قلته في ملف الصحراء ؛سأنهي نقاشي معك حول ملف الصحراء بسؤالين هامين لم أجد شرحا لهما في كتابك ؛قلت في الصفحة 227/228 "أن مخاطبيك الصحراويين يقولون لك "تريدون أن ننضم الى المغرب ؛عندكم مشاكل اجتماعية ؛لا وجود للديمقراطية واستفحال الرشوة؛نحن من جانبنا عندنا موارد طبيعية وساكنة قليلة ؛ليست عندنا ديون وستكون عندنا الامكانية لبناء دولة محصنة وفق المعايير الدولية" من هم هؤلاء الصحراويون ؟ فان كانوا يتحدثون عن الأقاليم الجنوبية فهي جزء من المغرب والدولة المغربية قائمة و ان كانوا يتحدثون عن تيندوف فمنذ متى كانت تيندوف واحة للديمقراطية ؟
لم تشرح لنا أيها الأمير نوعية علاقتك بعبد العزيز بوتفليقة وكيف علم أنك قررت مغادرة المغرب وفضلت المنفى الاختياري في 23 يناير 2002 ؛وفي أي سياق كلمك هاتفيا وأنت في باريس كوجهة ضمن مسار رحلتك الى امريكا ويقول الجملة التي رددتها في كتابك ايمانا منك بعمق مضمونها "لقد قلت دائما أن المخزن المغربي أكثر قسوة من الجنرالات الجزائريين"
أيها الأمير
في المرة القادمة التي ستحدثنا فيها عن ملف الوحدة الترابية ؛نتمنى أن تحدثنا بلغة مغربي مؤمن بعدالة قضيتنا وليس بلغة هيومن رايتس ووتش والقانون الدولي ؛المغرب احترم دوما الشرعية الدولية و كان جريئا في تبني قراراته المتعلقة بهذا الملف .
تعلم كما أعلم ويعلم الجميع أن هناك هفوات و أخطاء في تدبير الملف ؛فان كان عندك وسيلة لتدبير الملف التدبير الصحيح و اخراج النزاع المفتعل من عنق الزجاجة ؛فلا تبخل به علينا أما لغة الصحراء الغربية و المغرب ملزم بكذا وكذا فاتركها لبان كيمون وكريستوفر روس ؛أما نحن كمغاربة سنظل أوفياء لقسم المسيرة مؤمنين بأن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها بقوة التاريخ وقوة القانون .
صحافية مغربية مقيمة في فرنسا*