نجح المغرب في إقناع منظمة الأمم المتحدة بعدم توسيع مهام بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في أقاليمه الصحراويةّ، فقد تمّ نشر مسودة أعدتها الولايات المتحدة بخصوص الصحراء لم تستجب لدعوة بان كي مون القاضية بمراقبة حقوق الإنسان، ولكنها أقرّت بضرورة تحسين أوضاع اللاجئين في مخيمات تندوف التي تحتضنها الجزائر. ويعد ذلك نصرا للمملكة، خاصّة وأنّها التزمت بجميع توصيات مجلس الأمن، وأقامت الحجة على احترامها للمواثيق الدولية.
أظهر نص لمسودة قرارا أعدته الولايات المتحدة لتجديد مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء المغربية، أن القرار سيحث جميع الأطراف على احترام حقوق الإنسان، لكنه لن يطلب من المنظمة الدولية مراقبة الانتهاكات.
وينص القرار، حسب ما جاء في المسودة، على وجوب تحسين الظروف المعيشية للصحراويّين وتحسين وضع حقوق الإنسان في مخيمات تندوف التي تسيطر عليها قيادة البوليساريو وتدعمها الجزائر ماديّا.
والمعلوم أنّ الجزائر تتبنى مقاربة البوليساريو بخصوص النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وتدعم الانفصاليّين ماديّا خدمة لمصالحها.
ويشجع القرار الأطراف على العمل مع المجتمع الدولي لتطوير وتنفيذ إجراءات مستقلة وجادة لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أنّ المئات من سكّان مخيمات تندوف طالبوا الأمم المتحدة بالتدخّل لوضع حدّ لانتهاكات البوليساريو الجسيمة في حقّهم، ودعوا بان كي مون إلى تفعيل مبادرة الحكم الذاتي.
ويرى مراقبون أنّه وعلى الرغم من أن بان كي مون، جدّد في الأسبوع الماضي دعوته إلى مراقبة دائمة لحقوق الإنسان في الصحراء المغربية، إلاّ أن مسودة القرار الأميركي تجاهـلت دعوة الأمين العام لأمم المتـحدة هذه.
ويعود ذلك إلى نجاح الدبلوماسية المغربية في الترويج لمقترح الحكم الذاتي وحشد الإجماع الدولي حول التزام المملكة بتوصيات الأمم المتحدة وسعيها إلى احترام المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي المغربي عبدالرحيم المنار السليمي، أنّ تقرير بان كِي مون، لم يكن محايدا ولم يتضمن حلولا جدية لإنهاء النزاع الإقليمي الصحراوي، حيث انساق وراء تقرير مبعوثه الشخصِي، كريستوفر روس. مؤكّدا أنّ التقرير يتضمن العديد من المتناقضات، فهو من جهة يشيد باحترام المغرب لحقوق الإنسان في أقاليمه الصحراوية ومن جهة أخرى يدعو إلى مراقبة هذه الأقاليم.
عبد الرحيم المنار السليمي: الجزائر تخالف القانون الدولي وهي طرف غير معني بالنزاع وشدد السليمي على أن الجزائر طرف غير معني بالنزاع، وأنها تخالف القانون الدولي عندما تتحدث عن مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار، داعيا المغرب إلى التسلح بالحجج والقرائن كما بالنصوص القانونية لإقناع المجتمع الدولي بمغربيّة الصحراء.
وتتضمن المسودة الأميركية، التي يقول دبلوماسيون إنّه من المتوقع أن يطرحها مجلس الأمن للتصويت في الـ29 من الشهر الجاري؛ أنّ مجلس الأمن “يقدر ويرحب بالخطوات والمبادرات الأخيرة التي اتخذها المغرب لتعزيز لجان المجلس الوطني لحقوق الإنسان العاملة في مدينتي الداخلة والعيون".
وإلى جانب تجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة لعام آخر، سيشيد القرار أيضا باستعداد المغرب للتعاون مع محققي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
يذكر أنّ الرباط كانت قد أعلنت عن سلسة إجراءات لتحسين فعالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان لوقف التتبعات ضد المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وقد أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بهذه المبادرات في تقريره، ودعا إلى "تطبيقها بشكل كامل وسريع".
وأوضح دبلوماسي بمجلس الأمن أنّ “المهم الآن هو تطبيق الإجراءات التي أعلنتها الرباط، والتي تشكل تقدما حقيقيا في مجال حقوق الإنسان”، مشيرا إلى مشروع قانون المحاكم العسكرية الذي مازالت المصادقة عليه من قبل البرلمان لم تتمّ بعد.
ويعرض المغرب خطة حكم ذاتي في الصحراء المغربية تحت سيادته، في حين تطالب البوليساريو، مدعومة من قبل الجزائر، باستفتاء لتقرير المصير. ولا تزال جهود الوساطة التي تتولاها الأمم المتحدة متعثرة.