من المقرر أن يحسم وزراء الفلاحة يوم الاثنين 14 أبريل 2014 في مشروع لجنة الفلاحة القاضي بوضع المزيد من الحواجز أمام الخضر الواردة من الدول التي ليست عضوا في الاتحاد، ومن المرجح أن يصادق الوزراء على المقترح لأن ضغوط لوبيات المنتجين والمصدرين الأوربيين فرضت نفسها على القادة السياسيين الذين يربطون مصلحة أوربا بربح رهان إدماج أغلب الدول الأوربية في الاتحاد الأوربي ووحدته النقدية وبانفتاح أوربا على باقي الدول التي تربطها بها علاقات تاريخية واقتصادية وتجارية متميزة، ورغم أن هذا القرار يتخذ مظهرا شموليا إلا أنه في الواقع موجه بشكل خاص للمغرب، لأن المغرب هو الشريك المتوسطي الوحيد الذي استطاع أن يقاوم ويفرض نفسه في السوق الأوربية.
القرار المرتقب اتخاذه يوم الاثنين يعني بكل بساطة التضحية بالمغرب من أجل الحفاض على مصالح فئة محدودة من المنتجين الأوربيين العاملين في القطاع الفلاحي، فكل اٌلإحصائيات تؤكد بأن مجموع صادرات المغرب لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من مجموع واردات الاتحاد الأوربي، ومع ذلك فإن المتحكمين في القرار الأوربي صاروا يطمعون في إعطاء مفهوم "الشراكة الشاملة والمعمقة" دلالات احتكارية تجعل من الشركاء مجرد زبناء، وما التفاوض إلا قناع لديمقراطية شكلية تسفر بالضرورة عن الزيادة في علو الحواجز كلما تبين أن الشركاء صاروا قادرين على تخطيها.
إن مجموع صادرات المغرب من الحوامض والبواكر إلى دول الاتحاد الأوربي، التي ارتفع عددها من 27 إلى 28 دولة، وصل بالكاد إلى 8320 مليون درهم سنة 2013، أي ما يعادل حوالي 297 مليون درهم لكل دولة، وحتى هذا الرقم لا يستفيد منه المغرب إلا بحوالي 20% لأن حوالي 80% من مكونات الصادرات الفلاحية المغربية مستوردة من أوربا، فالقرار سياسي أكثر منه اقتصادي، إنه قرار يفرض على المغرب التخلي عن السياسة الفلاحية التي رسمها له الاتحاد الأوربي عبر خطوات انطلقت منذ عهد الاستعمار بإقامة ضيعات شاسعة الأطراف خاصة بإنتاج الحوامض والعنب الموجهة للاستهلاك في أوربا، ثم بتوجيه الانتاج الفلاحي المغربي نحو المنتجات التي تعاني فيها السوق الأوربية من الخصاص، لكن مع الانتقال من السوق الأوربية المشتركة إلى الاتحاد الأوربي تزايدت الحواجز، ومرت المفاوضات المغربية مع الشريك الأوربي من محطات صعبة بلغت حد التفاوض على بضع كيلوغرامات من الطماطم، ومباشرة بعد ذلك أضيفت المعايير الاجتماعية إلى المعايير الصحية، وحتى هذه المعايير التعجيزية نجح المنتجون المغاربة في التوصل إلى حلول متفاوض عليها مع العمال ومع الحكومة المغربية، وتم بذلك التوصل إلى مخرج من النزاعات الاجتماعية التي كثيرا ما خدمت مصالح المنافسين الأوربيين لأن الإضراب في موسم الإنتاج يعني بكل بساطة ضياع مجهود سنة بأكملها.
إذا ما صادق وزراء الفلاحة على مقترح لجنة الفلاحة في البرلمان الأوربي فإن المستورد الأوربي سيكون عليه أن يؤدي رسوما جمركية لا تحتسب على أساس سعر البيع الحقيقي كما هو جار به العمل حاليا، وإنما على أساس القيمة الجزافية عند الاستيراد التي تتولى مصالح اللجنة الأوربية احتسابها وفق معايير تحددها بشكل انفرادي، وهذا معناه أن منتجات المغرب، وخاصة منها الطماطم والقرع والخيار والكليمانتين ستتعرض لحصار قوي قوامه الرفع من الرسوم الجمركية، وحصار من هذا المستوى من شأنه أن يدفع كبار الموزعين في أوربا إلى البحث عن ممونين جدد تتوفر فيهم شروط التزويد بالمنتجات الفلاحية التي يجب التذكير بأنها مواد قابلة للتلف وتفرض على المصدر احترام آجال التسليم والجودة المطلوبة وكل ذلك بأسعار منافسة، وهي شروط لا يمكن للمغاربة الوفاء بها في ضل النظام المراد تطبيقه وإلا فإنهم سيكونون عرضة لأداء ذعائر تضاعف بعدة مرات مجموع الأرباح التي يحققونها من التصدير إلى الاتحاد الأوربي. إنه الإقصاء المقنع بمنطق ديمقراطي.
عبد القادر الحيمر:الوافد.