على فراش الموت.
حتى وهو يموت لم يفوت بوتفليقة الفرصة لكي ينال من المغرب. التلفزيون الرسمي الجزائري الذي نقل صور الرئيس المريض وهو يستقبل كاتب الدولة في الخارجية جون كيري أصر على أن يدس الكثير من السم في الدسم، وأن يقول لمن يشاهدونه إن الرئيس أكد مجددا مساندته للشعب الصحراوي في محنته ونضاله وكل الخرافات الأخرى.
شيء واحد نتمنى من الرئيس المريض أن يساند نفسه فيه: أن يتحلى بأكبر قدر من الشجاعة لكي يواجه محنة المرض، ويتخلص من استعمار العلة، ويجد الدواء المناسب لما فيه من سقم، وإلا فإن الفرج هو الشيء الوحيد الذي يطلبه المرء لمن كان في حال مثل حال بوتفليقة غير العزيز علينا كثيرا.
بالشفاء من كل الأدواء وفي مقدمتها الأمراض النفسية وعلى رأسها الحقد طبعا.
قالها نعيم.
راقني كثيراً عمود زميلنا نعيم كمال في مجلة «لوبسيرفاتور دي ماروك» لهذا الأسبوع، ولاأجد بأسا في مقاسمتكم إياه تعميما لمتعة وفائدة أتصورهما متحققتين بالفعل فيه، خصوصا وأنه مكتوب من محبرة من الصعب العثور على متقنين لها في منابرنا المحلية. لنتابع ماكتبه نعيم:
«يبدو أن هناك حملة إعلامية ضد الأمير مولاي هشام. هذا ما أقرؤه في موقع إخباري مقرب من الأمير. وإذا كان شخص ما يتوفر على معلومات إضافية عن الحملة، فسيكون لطيفا لو نورني بها، لأنني ورغم قراءتي للصحافة المغربية إلا أنني لا أجد أثرا لهاته الحملة في أي مكان. لكن هذا ليس كل شيء.
فالموقع يضيف “الشرطة الفرنسية أوقفت شخصين كانا يراقبان في باريس الأمير هشام. وكل شيء يقول بأنهما كلفا بهاته المهمة أياما قليلة قبل الصدور القريب لكتاب الأمير الذي يحمل عنوان «مذكرات أمير منبوذ» الذي يتضمن معلومات هامة حول الملك الراحل الحسن الثاني وحول الوضعية السياسية تحت ظل الملك الحالي.
لايمكن أن نشكك في رواية سموه، لكن ليشرح لي أحد مسألة صغيرة للغاية: هل يمكن فقط من خلال مراقبة الأمير منع الكتاب من الصدور؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، سأفهم. لكن وبما أن الجواب لايمكن إلا أن يكون بالسلب فإني لاأرى فائدة لهاته المراقبة اللصيقة.
لكي يفسرا موقفهما، قال الرجلان إنهما «باباراتزي»، (مصورا مشاهير للتوضيح)، لكن يبدو أن هذا التفسير – دائماً حسب نفس الموقع – لم يبد مقنعا بما فيه الكفاية. لماذا؟
الموقع لا يقول شيئا، هو فقط قرر ذلك لأنه يبدو أنه يريد أن يقرر ذلك وكفى. مسألة غير مهنية كثيراً طالما أن التفسير يبدو غير مقنع جدا.
الأمير وقد تخلص من لقب السمو، وسيما مثل فتى أول في السينما، غنيا مثل كريزوس، شخصية مشهورة من مشاهير البيبول الذين يحبون الأضواء والحشرات التي تجلبها هاته الأضواء، يبدو جد مؤهل للظهور في غلاف «كلوزر»، أو «فواسي» أو «غالا».
لكن تفسيرا آخر يطل برأسه في هاته النازلة، تفسير أبسط وأكثر منطقية: الأمير مولاي هشام هو الذي نظم من البدء حتى المتم عملية مراقبته الشخصية.
راجعوا التاريخ. أناس أكبر منه بكثير سقطوا ضحية هذه الغواية: الكاتب اللاذع جان إيديرن هاليي واختطافه الشخصي، فرانسوا ميتران واختطافه الشخصي في حدائق لوبسيرفاتوار، وطبعا هناك مبرر للأمر: ترويج الحديث عن النفس، خلق الخرافة تكريس الأسطورة.
الأمير، ليس المنبوذ فقط، بل المطارد في نبذه، متابعا خلال رحلة هروبه إلى الأمام، ومطاردا من طرف ثقب آلة تصوير وقريبا معتقلا في لاباستيي، ميلودراما تذكر بقناع الحديد المسكين.
الأمر يثير الخيال، ويرفع مبيعات كتاب سيصل قريبا إلى مكتباتنا.
رجاء سموكم، عودوا إلى جادة الصواب، أنتم لاتحتاجون لترويج كتابكم قبل صدوره. نحن سنشتريه من جيبنا «الكاموني»، وسنقرؤه، وإذا ما وجدناه مهما، سنقول عنه كلمة أو اثنتين.
هذا كل مافي الأمر، هل ضمنتم نهاية شهركم الآن؟»
هل من حاجة للتعليق؟ لاأحد يتصور ذلك. بالتأكيد لا أحد. لافض فوك نعيم، وإن كنت لاأعرف كيف تقال هاته الكلمة بالفرنسية.
التطبيع مع العقل.
شيء واحد لابد أن يطبع معه السفياني وويحمان والبقية هو العقل. الإخوان الذين يقولون عن أنفسهم إنهم يحاربون التطبيع مع إسرائيل ارتكبوا جريرة شنعاء وهم ينشرون أسماء لأناس مثل الصايل وأسيدون وغيرهما من المدافعين الأبديين عن القضية الفلسطينية، واضعين إياهم في لائحة العار الجديدة التي ارتكبوها.
لا أحد يستطيع المزايدة على أحد في هاته القضية بالتحديد، وعلى من تعلق في أسنانه قطع لحم سورية أو عراقية أن يبحث عن فرشاة أسنان أولا لكي يزيل الأثر، وبعدها يحق له أن يتحدث في كل المواضيع. انتهى. إلى السطر.
المختار لغزيوي.