وأضاف بن جلون ان الاستثناء الوحيد في الانتفاضات العربية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط هو بلده الأم، المغرب، الذي يعتقد أنه سيمضي قدما بفضل الإصلاحات الجارية حاليا، واعتبرها دولة محظوظة لان حاكمها محمد السادس ملكا معتدلا وذكيا، يقوم بإصلاح بلاده ويتمتع بحب شعبه.
وقال بن جلون ان الامر الايجابي في الانتفاضات العربية يتمثل في ان لا شيء سيعود كما كان سابقا، وذلك في تصريحات ادلى بها لـ(إفي) بمناسبة صدور الترجمة الاسبانية لبحثه "الربيع العربي" ولروايته "العودة".
ومن المقرر ان يشارك بن جلون يوم الأربعاء المقبل في ندوة تقام بمؤسسة (البيت العربي) الثقافية بمدريد، للحديث عن هذين العملين.
وفي بحثه الذي صدرت نسخته الاصلية بعنوان "الشرارة" عن دار "جاليمار" الباريسية، يؤكد المؤلف المغربي الفرنسي ان هذه الحركات الشعبية "التاريخية" و"العفوية" للاحتجاج على التسلط، خلقت موجة من التصادم بعيدة المدى، ولن يتمكن اي شيء من وقفها.
واشار الى ان هذه الموجات امتدت الى الهند والصين لأسباب عدة، وحتى الى إسبانيا التي ظهرت بها حركة احتجاجية يطلق عليها "الغاضبون" او "15 مارس"، ولم يستبعد ان تحدث انتفاضات شعبية في أوروبا، ولكنها ستكون ضد "ديكتاتورية المال".
وعقب "الفرحة والحماسة" اللتين سادتا في البداية مع اندلاع شرارة "الربيع العربي"، ظهر "الخوف" من مستقبل "غير مؤكد" لم تتضح معالمه بعد، وفقا لبن جلون الذي يرى ان الأوضاع التي تواجه الدول العربية، حيث تطالب الشعوب بالحرية والكرامة واحترام الحقوق، "في غاية التعقيد".
واكد ان هذه الدول ستواجه حتما مشكلات، بما فيها تونس ومصر اللتين "اجتازتا المرحلة الاولى برحيل الديكتاتور"، إذ ان القيام بثورة اسهل من اقامة دولة جديدة على قواعد من القانون والديمقراطية والحرية، على حد قوله.
وأردف انه يشعر بقلق اكبر حيال مستقبل ليبيا، كونه يعتقد ان جنود ومرتزقة معمر القذافي لن يتوقفوا الا باعتقال العقيد الليبي المخلوع ومحاكمته، علاوة على ان هذا البلد العربي يفتقر- على حد تعبيره- الى التراث السياسي والمعارضة والنقابات والصحافة.
وتابع الكاتب الفرانكفوني قائلا ان سوريا واليمن تعيشان كابوسين حقيقيين، نظرا لان حكام الأولى حفنة من القتلة المستقرين جيدا والتغيير لن يحدث فيها الا بانقلاب عسكري، أما الأخرى فذات طبيعة قبلية وشعبها مسلح.
يذكر ان الطاهر بن جلون ولد عام 1944 ، ودرس الفلسفة في الرباط، وهاجر في 1971 إلى فرنسا. وفي عام 1987 حصل على جائزة جونكور عن روايته "الليلة المقدسة".