تحظى الزيارة الرسمية التي سيقوم بها جون كيري ،وزير خارجية الولايات المتحدة للملكة المغربية ، يومي4و5 أبريل الجاري،بأهمية خاصة لأنها تأتي في وقت تعرف فيه العلاقات بين الرباط وواشنطن دفئا قويا جعل حبل الاتصال والتواصل بين العاصمتين مستمرا ودائما ، مما جعل لغة الحوار ، المبني على الثقة والاحترام والتفاهم المتبادل، هي السائدة بين المسؤولين المغاربة والأمريكيين، خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الملك محمد السادس لواشنطن ، واللقاء التاريخي الذي جمعه بالرئيس باراك أوباما . هذه الزيارة كانت مقررة قبل شهور، لكن تم تأجيلها بطلب من واشنطن بسبب لقاءات عاجلة مهمة حول الملف النووي الإيراني ، ممّا أحدث تغييرا طارئا على أجندة كيري الذي سيحل بالرباط للمشاركة في ترؤس أشغال الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي المغربي الأمريكي .وهو اللقاء الذي سينعقد تحت شعار :" تعزيز علاقات تعاون قوية بين البلدين". ولعل هذا الشعار وحده كافيا لإعطاء المدلول والبعد الحقيقي للعلاقات المغربية الأمريكية من خلال زيارة مسؤول أمريكي كبير للرباط في شخص وزير الخارجية كيري. معنى هذا أن البلدين مدعوان للعمل من أجل دعم وتنشيط شراكتهما على مختلف المستويات ، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهي مجالات تعطي فرصا كبيرة للعمل المشترك لما فيه مصلحة البلدين، كما أنها في حاجة لمساهمة أكبر وأوسع لمختلف الفاعلين المغاربة والأمريكيين. وللتذكير ، فإن الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي المغربي الأمريكي تأتي بعد الدورة التي تمت يوم 13 شتنبر2012، وهي إن كانت تعبّر عن شيء ،فإنها تعكس الإرادة المشتركة للعاصمتين للعمل من أجل تعزيز الثقة المتبادلة بهدف تكريس شراكتهما الاستراتيجية في مختلف الميادين والقطاعات المهمة والحيوية. كما أن الدورة ستكون فرصة للبلدين من أجل تعميق الحوار السياسي خاصة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك ،سواء على الصعيد الجهوي أو الدولي .وغير خاف الاهتمام الأمريكي بالدور الريادي للمغرب على المستوى المغاربي وعلى مستوى منطقة الساحل والصحراء ومنطقة المتوسط . وهو الدور الذي تمت الإشادة به غير ما مرة من طرف واشنطن ، بالنظر للمساعي والجهود التي بذلها المغرب من أجل إقرار السلام في أكثر من نقطة توتر في العالم ومساهمته الفعالة من أجل ذلك ، وعلى الخصوص في افريقيا ،ويتمثل ذلك في قدرة المغرب وخبرته في مجال مكافحة الإرهاب ، إلى جانب المجهود التنموي الذي تبذله الرباط في إطار تعاون جنوب ـ جنوب . لذلك يمكن اعتبار الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي بين المغرب وأمريكا ، دورة ثقة بين شريكين وحليفين تعود أواصر علاقاتهما إلى أكثر من قرنين من الزمن شكّل خلالها الاعتراف المغربي باستقلال أمريكا منعطفا تاريخيا هاما بالنسبة للأمريكيين الذين رأوا في ذاك الاعتراف مبادرة شهمة ونبيلة في وقت كانت فيه واشنطن أحوج إلى الدعم الحقيقي والسند الصحيح. وهو ما لم يتأخر المغرب في تقديمه للصديق والحليف الأمريكي. من جانب آخر، تأتي زيارة كيري قبل أيام من اجتماعات مجلس الأمن الدولي حول موضوع الصحراء ، وتجديد مهمة "المينورسو" . ونعرف أن واشنطن حسمت الموضوع من خلال التعبير الواضح والصريح ، على أعلى مستوى ،عن موقفها من هذه القضية ، حيث أيدت المقترح المغربي حول الحكم الذاتي واعتبرته مقترحا جدّيا وواقعيا ويحظى بالمصداقية . ومع ذاك هناك محاولات من طرف خصوم الوحدة الترابية للمغرب من أجل توسيع صلاحيات البعثة المذكورة لتشمل حقوق الإنسان رغم أنهم آخر من يمكنهم الحديث عن هذا الموضوع بالنظر لما ارتكبوه وما زالوا يقترفوه من تجاوزات فظيعة لأبسط حقوق الإنسان. إنه لقاء الحوار الجدي والمسؤول . لقاء النقاش والتفاهم حول القضايا الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك . وهو لقاء الثقة الكبيرة بين شريكين كبيرين .لقاء الشراكة المتميزة لحليفين متميزين.