بعد شبح إرهاب الجماعات الإسلاموية المتطرفة الذي عاشته الجزائر، طيلة التسعينيات من القرن الماضي، والذي خلف ما يزيد عن 100 ألف قتيل، بدأ شبح الحرب الطائفية يهدد بتفجير الجزائر، كما كتب عالم الاجتماع الجزائري رشيد بليل في عمود نشرته مجلة "جون أفريك" في عددها الأخير تحت عنوان "الثقافة المفروضة... أزمة في الطريق".
وأشار الكاتب إلى أن الصراعات الطائفية تزعزع بانتظام الجزائر العميقة، مستشهدا في ذلك بالأزمة التي تعيشها منطقة مزاب بين العرب السنيين والأمازيغ الأباضيين، والتي تصفها وسائل الإعلام بالحرب العرقية.
واعتبر رشيد بليل أن من بين أسباب اضمحلال شروط التعايش بين الطائفتين هو نظام الحكم في الجزائر الذي يتميز بهيمنة الحزب الوحيد، الذي فرض في الثلاثة عقود الأخيرة على شعب بأكمله، اختيارات سياسية واقتصادية وثقافية ولغوية غير قابلة للنقاش تخالف تماما تلك التي تربط المجموعات القبلية بأرضها وتاريخ أجدادها.
وقد تجسد هذا الصراع بقوة من خلال المواجهات الدامية التي تعرفها مدينة غرداية بسبب التراجع الواضح للسلطة الروحية لأعيان المنطقة الأصلاء من المذهبين المالكي والإباضي، و غموض هوية المطالب واختفاء الفاعلين والمحركين وراء الكتل الشبانية للمنطقة، ورغم كل محاولات التي قامت بها السلطات فإن المواجهات ما تفتأ تشتعل.