تدعو البرازيل العالم لمونديال 2014 واعدة بشمس مشرقة وأجواء بإيقاع السامبا، وأمامها هدف واحد هو الفوز باللقب. غير أن البطولة تنذر بمنافسة شرسة سواء من الأوروبيين أومن الجيران الأمريكيين، ما ينبأ بصعوبة مهمة أصحاب الأرض.
تتجه أنظار العالم في 12 يونيو/ حزيران 2014 نحو البرازيل لمشاهدة افتتاح نهائيات كأس العالم، التي تقام للمرة الثانية في بلاد السامبا بعد عام 1950. ويشارك في البطولة 32 منتخبا، كما ستقام 64 مباراة، أمام إصرار أصحاب الأرض، وبلسان جوهرتهم السمراء، الأسطورة بيليه على الفوز باللقب. وذلك لإزالة مرارة الهزيمة أمام أوروغواي في مباراة النهائي (2-1) قبل 65 عاما، والتي تركت وإلى غاية اليوم غصة في حلق البرازيليين، يجب أن تزال هذه المرة.
تأهل المنتخب البرازيلي للنهائيات بشكل مباشر، لكون أن بلاده حظيت بشرف التنظيم، لكن هناك منتخبات صارعت من أجل الوصول للمونديال وعلى رأسها البرتغال وفرنسا، بينما تشارك البوسنة والهرسك لأول مرة في تاريخها في مثل هذه البطولة.
ألمانيا، أحد أقوى المرشحين لنيل لقب المونديال، تأهلت عن جدارة متصدرة مجموعة التصفيات. وإلى جانب منتخبي غانا والبرتغال سيواجه المانشافت الألماني في مجموعته الولايات المتحدة التي يدربها الألماني يورغين كلينسمان مدرب المنتخب الألماني السابق. بينما ستلعب البرازيل في مجموعة وصفت بـ"السهلة"، وتضم كل من كرواتيا والمكسيك والكاميرون. وبخصوص المشاركة العربية، فقد انحسرت للمرة الثانية على التوالي في المنتخب الجزائري الممثل الوحيد للعرب في البرازيل، كما كان في جنوب إفريقيا في الدورة السابقة. ويلعب محاربو الصحراء في المجموعة الثامنة التي تضم بلجيكا وكوريا الجنوبية وروسيا.
درجات حرارة متباينة
ستقام البطولة في فصل الصيف، في بلد هو خامس أكبر البلدان مساحة في العالم. وتشغل البرازيل نصف مساحة قارة أميركا اللاتينية تقريبا، لذلك سيتنقل الجمهور القادم من الخارج غالبا عبر رحلات الطيران الداخلي بين أهم المدن التي ستستضيف المباريات كالعاصمة برازيليا أكبر مدن البرازيل، وساوباولو وريو دي جانيرو.
وبهذه المناسبة تمت توسعة الكثير من المطارات. بيد أن المراقبين سجلوا تأخرا كبيرا في مرحلة البناء، بل ورصدوا أصلا صعوبة إتمام خطط اعمار كثيرة. ويقدر السياح الأجانب الذي سيحضرون لمتابعة المونديال في البرازيل بـ 600 ألف سائح سيتوزعون بين اثني عشر مدينة تستضيف البطولة. ملابس هؤلاء السياح ستكون أحيانا صيفية خفيفة وأحيانا شتوية ثقيلة، فدرجات الحرارة في البرازيل في فصل الصيف تبلغ 15 درجة مئوية في بورتو أليغره وقرطبة في الجنوب، وترتفع إلى ما بين 20 و25 درجة في ريو دي جانيرو، وساو باولو. ثم تأتي درجات حرارة بين 30 و35 مئوية تصاحبها رطوبة مرتفعة في شمال شرق البرازيل حيث ملعب سالفادور دا باهية الذي تقام عليه أيضا مباريات البطولة.
وبالنسبة للملاعب، منها ما رمم ومنها ما بني حديثا. وسيشهد ملعب ساو باولو مباراة الافتتاح، على أن يقام النهائي على ملعب ماراكانيا الأسطوري في ريو دي جانيرو. وقد رافقت التحضيرات مشاكل ومخاوف جعلت معظم أعمال البناء لا تسير وفق الخطة الموضوعة. وحسب اتحاد الكرة البرازيلي، تمّ إنفاق 1.1 مليون يورو على ملاعب البطولة. لكن يجري الحديث أيضا عن تكلفة فاقت 3 مليار يورو. وقد تم تزويد الملاعب الاثني عشر بنظام تأمين ذكي يتضمن 200 كاميرا للحد من أعمال العنف بنحو 400 مليون يورو. لكن النظام ذاته أخفق في الحد من أعمال الشغب والعنف في البطولة المحلية بالبرازيل، والدليل عن ذلك، المشاجرة العنيفة التي جرت بين المئات من جماهير اتلتيكو باراناينسي وفاسكو دا غاما في ديسمبر الماضي.
اليد العليا
ولأول مرة في نهائيات كأس العالم ستستخدم في البرازيل تقنية خط المرمى التي طورتها شركة ألمانية، إذ ستركب كاميرات في أسقف الملاعب لمراقبة تجاوز الكرة لخط المرمى. وقد جرى استخدام هذه التقنية في بطولة كأس القارات التي أقيمت في البرازيل الصيف الماضي استعدادا لكأس العالم. وكانت هذه البطولة خير تجربة لمونديال ، 2014 وخصوصا للمنتخب البرازيلي الذي تمكن بفضل الساحر الجديد نيمار من الفوز بكأس القارات عن جدارة.
ولأنه لم يسبق لأي منتخب أوروبي أن فاز ببطولة كأس العالم أقيمت في قارة أميركا اللاتينية، فإن مدرب المنتخب الألماني يوآخيم لوف يرى أن فرق أميركا اللاتينية هي الأوفر حظا للفوز باللقب ولا سيما البرازيل وجارتها الأرجنتين، دون التقليل من شأن مفاجآت محتملة من قبل كولومبيا وشيلي والمكسيك. أما بالنسبة للمنتخبات الأوروبية فإن إسبانيا لا تزال على قائمة أقوى المرشحين، كذلك الشأن بالنسبة لإيطاليا التي تتمتع بقدرات تكتيكية عالية. ولم يستبعد لوف أيضا إحراز هولندا اللقب العالمي بقيادة المدرب لويس فان خال، متوقعا أن تذهب فرنسا بعيدا، وأن تكون بلجيكا الحصان الأسود للبطولة. وبالنسبة لآسيا، يعد المنتخب الياباني أقوى منتخباتها وأوفرها حظا لبلوغ الأدوار النهائية. ومهما اختلفت آراء الخبراء، إلا أن مارسيا فرنانديز عرافة تلفزيونية شهيرة في البرازيل، تنبأت أمام 40 ألف مشجع في ساو باولو بأن تكون لألمانيا "اليد العليا" في البطولة.
أوليفيا فريتس/ صلاح شرارة.