يقول المثل المغربي "كثرة الهم تضحك" وتنطبق هذه المقولة على كل ما يحيط بمواقف أعداء وحدتنا الترابية، تلك المواقف المتسمة بالغرابة وبالطابع الهزلي مقارنة مع المواقف المغربية المشهود لها من طرف الدول العظمى بالواقعية والجدية والمصداقية لسبب بسيط هو عدالة القضية التي ندافع عنها.
المضحك أن البهتان أصبح يستبق شهر أبريل (شهر الكذبة الشهيرة "سمكة أبريل") بأسابيع لا تذكرني سوى بألعاب عاشوراء قبل أسابيع من يوم العاشر من محرم، أيام يؤرق الصبية المشاكسون مضجع الجيران بكوابيس (جمع كابوس) المياه وبمفرقعات "جوج دريال"، وهذا حال خصومنا تماما.
إن آخر موقف للدبلوماسية الجزائرية والذي أثار حفيظة سفيرنا هو ادعاء الشقيقة الجزائر (ولا ندري هل مصطلح الشقيقة يعني الأخت أم الصداع النصفي بالدارجة !!) أنها مجرد عضو ملاحظ في النزاع المغربي مع قادة تندوف. كما لو أنه لا يوجد دعم من طرف الجزائر للبوليساريو على جميع الأصعدة من إيواء وتسليح وتأطير وتحريض، وكما لو أنه لا يوجد للجزائر مطامع في الولوج إلى الأطلسي عبر ذلك العرض الذي اقترحته في يوم من الأيام القريبة والمتعلق باقتسام الصحراء مع المغرب.
فلنفترض أنها عضو ملاحظ فقط، ولنطرح سؤالا منطقيا ووجيها بحكم اعتبارها جارة غالية : أما كان حريا بها أن تقوم بمساعي الوساطة ورأب الصدع بين الفرقاء؟ لو أنها كانت تريد مصلحة الصحراويين المغاربة حقا لوجهت كل جهودها صوب أمن واستقرار المنطقة بدل التسابق نحو مزيد من التسلح ومزيد من دعم البرلمان الجزائري لمرتزقته على حساب رخاء الشعب الجزائري.
تنضاف إلى مستملحة "عضو ملاحظ" مصطلحات أخرى أكثر طرافة كنعت القضية بمسألة تصفية الاستعمار وإلباس هذه الصفة للمغرب بدل إسبانيا. فبالله عليكم يا إخوتي الأعزاء كيف لبلد لازالت أجزاء أخرى من ترابه محتلة أن يتحول إلى قوة استعمارية عظمى؟ إن كان ذلك حقيقيا فعلا، فحري بمجلس الأمن الأممي أن يخصص لنا مقعدا سادسا بين أعضائه الدائمي العضوية (وديك الساعة اللي هضر يرعف). لو أنكم كنتم أشقاءنا فعلا لآزرتمونا في أزمة جزيرة ليلى بدل الاصطفاف إلى جانب إسبانيا التي تربطها بالمغرب علاقات أصفها بعلاقة الظفر باللحم والتي يمكننا حينئذ تقبل دوركم وتفهمه كعضو ملاحظ.
إن ملاحظة كل هذه الحروب والويلات التي استنزفت طاقاتنا وثرواتنا وتراثنا وأبنائنا يجعلنا نؤاخذها على عدم التدخل الإيجابي لحل هذه الأزمة. نحن إذن أمام جريمة بالامتناع، إذ كيف لجار وازن أن يكتفي بالملاحظة كما يدعي؟ وتزداد فصول المسرحية الكوميدية تشويقا حينما يتحدثون عن الحق في تقرير المصير. أي حق وأي مصير؟ إن بشرة المغاربة السمراء لم نأت بها من الهند أو بنغلادش ولكن من تلك الصحراء التي تتحدثون عنها وتزعمون الدفاع عن شعبها. حق علينا أن نشكركم على هذا الموقف النبيل، لكننا نخبركم أننا قررنا مصيرنا يوم السادس من نونبر سنة 1975 ولسنا مسؤولين عن كل من تخلف عن ركوب القطار. أربعون مليون مغربي "فقط" من لهم الحق في تقرير المصير وليس غيرهم.
أما فزاعة حقوق الإنسان فلا حاجة للمغرب في شراء الذمم وشراء جرعات كوكايين إضافية للمدمنة كيري ولاحتى تفصيل أدوار على المقاس للكومبارس فارديم. نحن نفضل أن تكون "الفاميلا" هي أول من يستفيد من "لذة الـݣاميلا"، فنحن لانصرف الأموال على المرتزقة ونترك الشعب يعاني من الفقر رغم فخامة الثروة (الله يزيدكم). وحتى لاتظنوا أننا نضحك فقط، اعلموا يا أشقاء أننا نعاني من هذه العلاقة المتوترة كما يعانيها أيضا شعبكم المجاهد.
وبهذه المناسبة لست أنا من يقول لكم يضحك كثيرا من يضحك أخيرا ولاحتى أسخر ممن اتخذ كرسي السلطة سريرا. لكن سأكتفي بتذكيركم بقول شعراء "عبيدات الرمى" في معلقتهم الخالدة : "الصحرا هي بلادنا، فيها دݣـينا وتادنا، وفيها ولدنا ولادنا" أو"سالينا، سالينا".