كنا في النهار المغربية أول من تصدى لقناة الجزيرة القطرية، ليس ذلك كرها في الإعلام، حاشا لله ونحن من ممارسيه، ولكن تقديرا منا على أنها ليست قناة إخبارية هدفها نقل الأخبار كما هي مع الحرية في التعليق عليها، لكن منذ البداية نبهنا إلى أنها منظومة سياسية تسعى لخدمة أهداف غير إعلامية، وحذرنا من كونها منخرطة في المشروع الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية وإعادة رسم خريطته من جديد. لقد تمكنا من التوصل إلى حقيقة مضنية كون الجزيرة القطرية ليست قناة إخبارية ولكن لسان حال المشروع الجديد الذي كان مقدرا له أن يخلف مخطط سايكس بيكو الذي استنفذ أغراضه بعد قرن ونيف من إقراره، وهو مشروع هدفه التفتيت ومزيد من رهن الشعوب والدول إلى القوى المهيمنة. لقد تصدت النهار المغربية بكل ما أوتيت من قوة للجزيرة القطرية ودورها التخريبي، ووقفت الجريدة أمام القضاء بتهمة الإساءة لمدير مكتبها بالرباط، الذي لعب الدور جيدا وساهم بقسط وفير في محاولة إشعال نار الفتنة من خلال زعمه أن سبعة مواطنين مغاربة قُتلوا أثناء تحرير بوابة ميناء سيدي إفني، والكل يعرف قيمة هذا الخبر ودوره في إشعال النار في مدن أخرى وتبين أن الخبر عار من الصحة. ولأن النهار المغربية لم تكن تدافع عن مصلحة شخصية وإنما كان هدفها المساهمة كوسيلة إعلامية في التنبيه وحماية الوطن، فإن القضاء لم يأخذ بدفوعات مدير مكتب القناة، والذي اتضحت أهدافه. تصدينا لقناة التخريب قوبل بترحيب منقطع النظير من طرف مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، وكان مفروضا في الوزير أن يكون سباقا إلى مواجهة مخطط رهيب رسمته مكاتب توجيه الثورات، والتي تبين أنها تقيم دورات تدريبية في العديد من الدول بعيدا عن الأنظار، لكن الوزير فضل الانحياز للمشروع الذي تنخرط فيه الجزيرة وهو نفسه المشروع الذي يعتبر الإخوان المسلمون وتوابعهم إحدى أدواته. كاد الوزير الخلفي أن يرخص للجزيرة من جديد لولا عناية الله ويقظة مؤسسات الدولة، وهو كان يريد رد الدين لهذه القناة التي قدمت خدمات جليلة لحزبه أثناء الانتخابات، وكذلك استثمار القناة في مشروع العدالة والتنمية الذي تجاوز الوصول إلى الحكومة ورئاستها والهيمنة عليها. وبالقدر الذي حاول الخلفي خدمة الجزيرة الخادمة لمشروع الإخوان ومشروع أكبر من الإخوان ومن موقع الحكومة يحاول اليوم أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، تقديم خدمات لرعاة القناة. فبعد أن لهف الأموال من السعودية في إطار مشروع بسيط لكتابة القواعد الأصولية ولجأ هناك لمدة ست سنوات، فها هو اليوم يشد الرحال إلى الدوحة ليهاجم السعودية. القناة التي تغري الخلفي وحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح والريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، هي قناة الكفيل حسب تقرير للاتحاد الدولي للنقابات ومن بين المكفولين أحد أقارب الريسوني الذي يشتغل في الجزيرة بالإضافة إلى بعض الإعلاميين الذين يهاجمون بلدهم دون أن ينتبهوا لموقع العبيد الذي يعيشونه. وما على الخلفي ومن معه أن يعرف أن الحديث عن الحرية والديمقراطية لا يمكن أن تتم عن طريق قناة كل العاملين فيها عبيد.
النهار المغربية.