تشهد العلاقات المغربية الـݣابونية نموا متسارعا في إطار وحدة البلدين وتكاملهما بقيادة جلالة الملك محمد السادس وشقيقه فخامة الرئيس علي بونـݣـو أونديمبا. لاشك أن خبراء علم السياسة سيجمعون على أن علاقة الدولتين المتباعدتين جغرافيا أكثر من مثالية بل وجب تدريسها في مادة الدبلوماسية المغربية أو العلاقات الدولية لاسيما إذا علمنا أن جلالة المغفور له الحسن الثاني وأخيه الحاج عمر بونـݣـو رحمهما الله كانت تربطهما علاقات أخوية، كيف لا وهي علاقة جمعت بين أمير المؤمنين ورئيس من العيار الثقيل أنعم الله عليه بنعمة الإسلام سنة 1973، فكان القلب إلى القلب رسولا، وكان المغرب وطن الرئيس الثاني، وكانت الرباط وجهته المفضلة. ومرت السنين وتوطدت العلاقة الأسطورية وزادت مصاهرة الحاج عمر لرئيس جمهورية الكونـݣـو برازافيل من اتساع رقعة الصداقة المغربية الإفريقية مع دول خط الاستواء، وأصبح للمغرب دور بارز في كل من الـݣابون والكونـݣـو برازافيل وإفريقيا الوسطى والكونـݣـو الديمقراطية وسييراليون رغم الغيوم التي لبدت سماء بعض من هذه البلدان التي لم تنعم بالاستقرار السياسي على عكس المغرب والـݣـابون.
وأتى ذلك اليوم المشهود الذي حل فيه الملك محمد السادس بالعاصمة ليبروڤيل بعد أقل من سنة لزيارة مماثلة لهذا البلد الجميل كدليل على أن العلاقات نضجت بما يكفي حتى يصبح بإمكاننا الحديث عن وحدة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية بين الرباط وليبروڤيل.
في تلك الأمسية من يوم 5 مارس 2014، لحظات بعيد غروب شمس ليبروڤيل، هبت نسمات عطرة، نسمات برائحة الطيب وعبق مسك الليل ترحيبا بزيارة الشقيق لشقيقه. لاعجب، فكل شيئ كان يوحي بأننا لسنا ضيوفا بل من أهل الدار، فحتى صالون الاستقبال كان مرصعا بالزليج الفاسي الأصيل. لقد كان استقبالا حماسيا حيث احتشد زهاء سبعة آلاف مغربي من الجالية المقيمة بالـݣـابون إلى جانب شعب الـݣابون العظيم والطيب الذي عرف عهدا من الازدهار خلال فترة حكم آل بونـݣـو أونديمبا، وعاش المسيحيون الكاثوليك في وئام مع البروتستانت والأقلية المسلمة. سلم اجتماعي قل نظيره في إفريقيا الجريحة جعل هذا البلد مؤهلا للعب دور طلائعي في أزمة إفريقيا الوسطى وما أفرزته من صراع بل اقتتال بين مسلمي السيليكا ومسيحيي البلاكا. صراع لامبرر له لبلد شاسع تتجاوز مساحته ستمائة ألف كيلومتر مربع مقابل كثافة سكانية منخفضة إذ لايتجاوز عدد السكان الخمسة ملايين نسمة.
لقد كانت باكورة الزيارة الرسمية للـݣابون صلاة أمها أمير المؤمنين إلى جانب أخيه الرئيس علي بونـݣـو. لقد رأينا كيف أن إمام المسجد وخطيبه انحنى إجلالا واحتراما لسبط النبي (ص) وقبل يديه الكريمتين بطريقة تدل على أن محبة آل البيت من محبة هذا الدين العظيم.
كنا كلما حللنا نظرات القائدين استشرفنا روحي أبويهما الطاهرتين المحلقتين في السماء والمحيطتين بمسجد مغربي في العاصمة ليبروڤيل يحمل اسم صاحب الجلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه. إنها نظرات البر بالوالدين وصلة الأرحام بين الإخوة مهما ابتعدت المسافة. إنها أخوة خالصة لاتحكمها مطامع، تؤكدها علامات الارتياح والسرور البادية على وجهي القائدين. وبنهاية الصلاة لم تخرج الـݣابون عن القاعدة، وكان من نصيبها عشرة آلاف نسخة من المصحف المغربي الشريف. إنها هدية أمير المؤمنين وعربون علاقة خالدة ومتينة توجت بمشاريع مشتركة وبإلغاء التأشيرة كدليل على ذوبان كل الفوارق وزوال كل العوائق.
فلتدم هذه العلاقة الراسخة، ولتفسح المجال لمزيد من الشراكات مع دول إفريقية أخرى.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها
1- استراتيجية حكيمة في وقت حاجاتها .
ادريس ادريس ادريس
فعلا عندما يتأمل كل مغربي في مضان سياسة المملكة المغربية الخارجية يدرك أن جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه أدرك مند زمان أن علاقة المغرب بافريقيا متجدرة مند القرون الأولى وهدا أمر طبيعي لأي افريقي يعيش في افريقيا التي هي جزء من المغرب والمملكة المغربية هي جزء من افريقيا ، والأفارقة يدركون أن الخير كله في المملكة المغربية في الشمال وهي الوسيط بين دولها وبين دول الشمال المتوسطية فضلا عن الدول الأخرى الأوروبية والأمريكية ودول الخليج العربي نظرا للثقة المتزايدة في السياسة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله .
المملكة المغربية وارتباطها بافريقيا قوي جدا وهي تتفاعل بالحس الروحي فعندما خرج المغرب بقلق من الاتحاد الافريقي كان نتيجة خلط عند بعضعهم والمغرب لا يريد شيئا إلا الاعتراف المعنوي والاعتباري لما يقدمه المغرب للأفارقة أنظمة وشعوبا دون أن يحشر رأسه في قلب الأنظمة أو شراء الدمم كما يفعل الآخرون الدين يخاصموننا على أرضنا في الجنوب وفي الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر والنزول إلى الطاولة لترسيم الحدود الشرقية مع المغرب والعمل على الدفع في تقوية الاتحاد المغرب العربي والتعاون على تقليل الصعوبات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
إن افريقيا التي ولدنا فيها ونعيش فيها تطالبنا اليوم أكثر من أي وقت مضى للعمل اليدي في اليد للانتصار على الفقر والحاجة والتخلف والجهل .
وبمناسبة عودة جلالة الملك محمد السادس إلى أرض الوطن محفوظا منصورا
ودام له ولأسرته الحفظ والسلامة ، وعاش محمد السادس ملكا شهما خدوما للمغرب وافريقيا الأمل والمستقبل .