الخبر الذي صدم العراقيين هو اليوم قصة لمن اعتبر. نجل وزير النقل العراقي هادي العامري تسبب في إزعاج خطير للسلطات العراقية. حيث كان في سياحة بلبنان وقرر العودة إلى بلده. تأخر عن الرحلة وتمت المناداة عليه بمكبر الصوت. فأقلعت الطائرة دون ابن الوزير. لأن الطائرات لها مواعيد مضبوطة مرتبطة بأمن الطيران وبالخطوط وفراغها وبالطيران المدني على العموم. ولما علم ابن الوزير بإقلاع الطائرة استشاط غضبا في وجه مسؤولي مطار بيروت واتصل بمسوؤلين بوزارة النقل العراقية التي يوجد على رأسها والده ليمنع الطائرة من الهبوط، وبعد 20 دقيقة من الطيران تم إخبار ربان الطائرة بأن السلطات العراقية لن تسمح للطائرة بالنزول فعادت الطائرة أدراجها إلى مطار بيروت وبقي المسافرون عالقين. هذه القصة طريفة لكنها طرافة تبكي في واقع عربي أصبح فيه الاستهتار بالمؤسسات هو اللازمة التي ترافق مسيرة الشعوب العربية في السنوات الأخيرة، التي ترافقت مع محاولات حثيثة للقضاء على مؤسسات الدولة في العديد من المناطق. فهذه الطرافة لا بد أن تكون لحظة لاستخلاص الدروس التي تنفع الشعوب والأمم والدول والحكومات، وذلك لمن كان له ضمير طبعا أما من كان همه الفوضى والتخريب حتى يخلو له الجو للسيطرة فذلك لا كلام معه. فقصة الطائرة اللبنانية العائدة أدراجها إلى بيروت تبين أن غياب المؤسسات الصلبة يجعل السيادة الوطنية في مهب الريح، يمكن أن يتحكم فيها ابن وزير أو حتى سائقه او حارس بيت الوزير ويمكن التلاعب بها من طرف أي واحد له علاقة بالوزير. اضطر وزير النقل العراقي للاعتذار متوعدا بمحاسبة ابنه إن تبث تورطه. لكن هيهات فالواقعة وقعت على رؤوس العراقيين. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. الحمد لله على أن السيادة المغربية ليست مجالا للعب والتلاعب والتحكم. ففي المغرب المؤسسات هي التي تحكم وتسير وليس الأفراد. ولا يمكن لتدخلات من هنا وهناك أن تكون نقيضا للقوانين التي تحكم المؤسسات والقواعد التي تسير عليها الحياة وبالتالي يستحيل أن تقف تدخلات كيفما كان نوعها في وجه نهر القانون السادر الذي أعلن الانطلاق منذ فجر الاستقلال وما زال يواصل المسير بتؤدة وتأني. ففي المغرب الخطوط الملكية المغربية تدخل ضمن المؤسسات الاستراتيجية التي لا يمكن السماح فيها للأشخاص بالحكم والتحكم، ولذلك كان تعيين الرئيس المدير العام لهذه المؤسسة من اختصاص الملك عبر المجلس الوزاري. فالنموذج الذي بين يدينا ليس هو المهم ولكن المهم هو ماذا كان يراد للمغرب؟ لقد سعت الحركة الإسلامية وباسمها حزب العدالة والتنمية إلى إحداث الفوضى وضرب المؤسسات السيادية وخلق السيبة في البلد والهدف طبعا هو التحكم في السلطة. فأي تطاول على المؤسسات السيادية هو تطاول على البلد برمته، وقصة ابن الوزير العراقي لها دلالات رمزية تفيد بضرورة حماية البلد وسيادته واستقراره.
افتتاحية النهار.