رويدة مروه، مديرة المركز الدولي للتنمية والتدريب وحل النزاعات، والكاتبة والفاعلة الجمعوية التي أثير حولها الكثير من النقاش، بسبب مواقفها في العديد من القضايا ومن بينها قضية الصحراء المغربية، التي تدافع عنها مروه بنوع من "الشراسة" التي يعتبرها البعض بأنها "غير بريئة" ويعتبرها البعض الآخر بأنها "مدفوعة الأجر"، في حين تعتبرها هي من باب القناعات التي تحرص بأن تجهر بها.
في حوارها مع "خالد البرحلي" تتحدث اللبنانية التي "تسخر نصف مجهودها" للمغرب وقضية الصحراء، عن علاقتها بالقضية، وعن اتهامها بالعمالة للمخابرات المغربية، وعن علاقتها بالقصر الملكي، وبالصور "الفاضحة" مع ديبلوماسي جزائري قيل إنّ المخابرات الجزائرية هددت بكشفها، بسبب مواقفها من قضية الصحراء.
كلما طفت قضية الصحراء المغربية على السطح إلاّ وتكتبين .. تُصرحين.. تُعلقين.. وتنضمين إلى المؤيدين للطرح المغربي. هل تعتقدين رويدة أنك تعرفين فعلا تفاصيل قضية الصحراء المُعقدة جدا حتى تدافعين عنها بهذه "الشراسة" إعلاميا عى الأقل؟
أعرفها منذ 4 سنوات.. يوميا أتابع كأي صحافي وناشط أخبار داخل المغرب وخارجه متعلقة بالصحراء.. صحيح انني لست مولودة في المغرب ومن أبوين لبنانيين ولم أتزوج مغربي أو أحصل على جنسية مغربية، ولكن ما المانع أن يتقبل الجميع صحافية لبنانية تهتم بقضايا المغرب الكبير أو بالصحراء المغربية؟ لماذا مقبول أن يحلل ويناقش يوميا على الفضائيات العربية لبنانيون مثلا الوضع السوري؟ ولماذا يحلل عبد الباري عطوان الفلسطيني شؤون ليبيا مثلا؟ ويحلل خير الله خير الله اللبناني الشأن المغربي؟ ولماذا يحلل صحافي مصري الشأن التركي مثلا؟ أليست منطقتنا العربية واحدة وثوراتنا مـاثرة ببعضها البعض ولغتنا مشتركة وحتى جزء من تاريحنا مشترك.
كل الفرق بيني وبين أجانب وعرب غيري يكتبون مقالات عن الصحراء وتستضيفهم منابر فضائية عربية وأجنبية عن القضية أن كل ما أقوله يسمعه الجميع. باختصار المغاربة يثقون بكلامي وتصريحاتي وتحليلاتي، والدليل كُثر شاركوا كمراقبين في محاكمة اكديم ايزيك، ومن جنسيات غير مغربية.. وحده وجودي أزعج البعض وأحبه البعض الآخر.
كُثر شاركوا كعرب وأجانب في مراقبة الاستفتاء على الدستور المغربي والانتخابات البرلمانية الأخيرة لكن وحده وجودي يثير ضجة. لو لم أكن ضليعة في قضية الصحراء.. ثم كيف فتحت الأمم المتحدة في جنيف ونيويورك منابرها لكلماتي إن لم أعرف ما أقول؟ ثم كيف نشرت أهم المواقع العربية والمغربية مقالاتي عن الصحراء، لو لم يكن ما أكتبه منطقي وواقعي ويشكل إضافة لمسار النزاع.
- البعض لا يراه منطقيا ولا واقعيا.. بل حتى هنا في المغرب من يصفك بالملكية أكثر من الملك.. أو بالناشطة التي يمكنها أن تدافع عن الطرح المغربي وكأنه "مقدس" ليس به شوائب؟
حسنا، طالما هو ليس بمنطقي لماذا يستمرون بمتابعته؟ ثم كيف يفسرون تعليقات وتفاعل آلاف المغاربة مع منشوراتي على مواقع التواصل الاجتماعية؟ ثم من قال إن من ينتقدني في الأساس يعرف ما أعرفه أنا عن القضية!
أعرف أكثر من سواي مِنَ الذي لا شغل ولا عمل له في تحليل القضية إلاّ بشتم طريقة تدبير المغرب رسميا للملف بينما هو لم يناضل بالبديل الذي يفيد! ببساطة أنا أقول ما لم يتعودوا سماعه عن القضية.. يسمعون مني في مقالاتي انتقادا لناشطين مغاربة يمثلون القضية في محافل دولية.. يسمعون مني نقدا لأداء الخارجية ولبعض المحيطين بالملك في القصر في تعاطيهم مع ملفات متعلقة بالقضية، بينما من لا يعجبه كلامي وتحليلي وارائي ومقالاتي لا يفعل شيئا إلا نقد رويدا مروه! وبذلك أكون أنا مليئة بالمضمون وهم فارغين ليس لديهم إلا اسمي ليناقشوه. ثم أريد أن أوضح لك شيئا، مشكلتنا كعرب أننا نظن أن الصحافيين والمثقفين هم فقط من يملكون التحليل الصحيح والحق بتسيير الرأي العام، وننسى أن الكلمة يجب أن تكون لجموع الرأي العام، ولذلك فمن ينتقدني هم طبقة الناشطين والصحافيين بينما آلاف من الشعب المغربي يتفاعلون بالموافقة على تحليلاتي! وهذا ما يغيظ البعض ليس فقط في المغرب، بل في لبنان لأنهم يستغربون كيف لناشطة غير مغربية كل هذا التأثير الشعبي!
- دعيني أنقل لك جزء من الصورة التي لدى بعض النشطاء هنا في المغرب وحتى من بعض الصحافيين. رويدا تستفيد من الدعوات الخاصة من جهات داخل الدولة المغربية، حتى أنك كنت من المدعوات للإفطار في القصر الملكي بمناسبة عيد العرش.. وبالتالي فمواقفك ليست محايدة بالشكل الكافي لتفيدي قضية الصحراء؟
حسنا. شاركت في دعوة افطار ملكي! وماذا يعني ذلك؟ شارك عشرات الصحافيين العرب والأجانب في نفس الافطار. لماذا حلال عليهم تناول وجبة افطار بينما كلما تعلق الأمر بي تسمونه استفادة!ثم ما هي هذه الاستفادة؟ هل أخذت أموالا أو شققا أو عقارات أو وساما ملكيا مثلا؟ حسدوني على وجبة افطار بدعوة من القصر وهي أقل لياقات التعامل بين القصر أو أي جهة رسمية مغربية مع صحافية مثلي كتبت لسنوات عن القضية بشكل خدم القضية.. لست برلمانية ولا وزيرة ولا في منصب أممي كي أغيّر واقع الملف.
أنا أكتب عن القضية.. أناقشها وأعرّف العرب والعالم بقناعاتي حول الملف.. لا يمكنني فعل المزيد لأنه ببساطة ليس دور الصحافي ايجاد حلول، بل تسليط الضوء على قضية ما. وكناشطة إلى جانب كوني صحافية وانا حاصلة على ماجستير علاقات دولية لذلك انا احلل من صلب اختصاصي الجامعي ... كناشطة مهمتى اثارة الرأي العام وتحريكه حول القضية، لكنني لست أملك منصبا رسميا في أي بلد حتى أتدخل لتغيير مسار الملف.
- طيب لنطرح هذا السؤال: ما هي علاقتك بمحيط القصر الملكي المغربي، ومع من تتواصلين في هذا المحيط؟
أولا يوم كتبت مقالا عن الفساد في اختيار البعثات الجمعوية التي تمثل المغرب في محافل دولية حول الصحراء وعن التقارير المغلوطة التي تقدمها الخارجية ولجان في القصر للملك حول القضية ضمن مقال "الملك يغرد عن الصحراء" ضجت الصحافة المغربية وحتى المسؤولين المغاربة بمقالي لأنه كان جريئا حدّ التجريح والصراحة. ثم أن تتصل برلمانية مغربية لتقول لي إنها ناقشت في جلسة مجلس النواب مقالا لي لأنه يرسم خريطة طريق للتغيير في مسار الدبلوماسية الموازية المعتمدة في القضية، فهو دليل كاف أن كل ما أكتبه يؤثر في نواب الأمة المغربية فكيف إذن هو هراء وغير مقنع بنظر نشطاء الصالونات والفايسبوك!!
- سأعيد طرح سؤالي: ما هي علاقتك بمحيط القصر الملكي المغربي، ومع من تتواصلين في هذا المحيط؟
سأجيبك عن كل شيء لا تقلق. لكن قبلا دعني أضيف، ستجد على غوغل مقالا مثي را جدا قبل عام ونصف عن تجاهل المغرب للدم البحريني مقابل دفاعه عن الدم السوري انتقدت فيه قرار طرد المغرب السفير السوري في الرباط، بينما لم يحرك المغرب ساكنا تجاه بطش النظام البحريني بشعبه، يومها اتصل بي أكثر من شخصية سياسية مغربية مستغربين جرأة ما طرحته واعتبروه نقدا لاذعا لقرار دبلوماسي مغربي من أعلى مستويات. فكيف يقولون انني أطبل وأصفق بشكل أعمى للقصر أو للنظام أو ما يسمونه المخزن!؟
بالنسبة لسؤالك عن علاقتي بالقصر، لا أعرف أي شخص في القصر وليس لدي رقم هاتف أحد منهم، ولا يعنييني صراحة ذلك.. احترم الملك محمد السادس، فهو قائد ذكي واصلاحي في بلده لكنني لا أحتاج إلى علاقات بوسط الملك أو القصر أو أي شخصية سياسية مغربية، فأنا امرأة لديها قلمها تكتب، تناقش، وتحلل. لدي صوتي في المحافل الدولية ووسائل الإعلام. ولو اهتم الملك أو القصر بما أقوم به فهذا شرف لي واعتبرها كلمة شكر منهم. أما بخصوص الافطار الملكي الأخير فمعروف أن القصر لا يدعو فقط أصدقاء الملك أو معارفه فقط، بل أشخاص ضيوف من أحزاب أو جمعيات حقوقية، أو إعلامية تتعاطى مع الشأن المغربي، وأنا من بين هؤلاء المدعووين. حيث وصلتني الدعوة بشكل طبيعي لانني نشطت في قضية الصحراء لسنوات طويلة وطبيعي أنني التقيت في المغرب وخارجه بشخصيات رسمية تعمل على الملف خلال أنشطة مهمة، وكنت مدعوة مثلي مثل صحافيين عرب وأجانب كثر إلى الافطار.
باختصار لا داعي ليشغلوا بالهم بي وبتحركاتي في المغرب، فأنا اشتري ملابسي وأقضي وقتي في السويقة "حدا باب الحد" في وسط الرباط، وكتاباتي وأنشطتي حول الصحراء موجودة بالصوت والصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعية، حتى إنني أتعمد نشر صور وجبات الطعام المغربية التي أتناولها بدعوات من أصدقائي المغاربة في بيوتهم.
- كانت لديك أمنية السلام على الملك.. سبق أن صرحت بذلك وقد تحققت لك؟ ألا يضعف هذا من موقف "مشكك فيه" تجاه كل القضايا التي تقولين أنك تدافعين عنها وأقصد هنا القضايا التي تخص المغرب؟
نعم كُنت أتمنى أن اسّلم على الملك، لاعجابي وتقديري لما فعله لتحييد المغرب عن وحل السياسة العربية، وإدارة الاصلاح في بلد أحزابه ومجتمعه المدني لم ينضج بشكل مستقل بما يكفي، وقد تحقق ذلك وسلمت عليه وابتسمت.. لا أعرف إن كان يعرفني شخصيا.. فالملك لا يعرف كل المدعوين فمنهم شخصيات أجنبية وعربية تتعاطى الشأن المغربي. أتمنى يكون يعرفني.. ربما شاهدني في قناة مغربية أو قرأ أحد مقالاتي.. أظنه فعل.
- طيب رويدا.. الصحافة الجزائرية تصفك بعميلة المخابرات المغربية؟ هل لديك فكرة لماذا تلصق بك هذه "التهمة"؟
طبيعي جدا أن تتهمني هكذا المخابرات الجزائرية، فبنظر الجزائر كل من يتحدث عن مغربية الصحراء ويكشف عقد النظام الجزائري من المغرب هو عميل، لكنهم يركزون عليّ دون سواي، لانني في الواجهة أولا، وهذا دليل أن صوتي مسموع، ودليل على أنني أزعجهم، وإلا ما حاجتهم لشتمي ليل نهار، ثم هذه أرخص وأسهل التُهم لدى العرب.
نسي هؤلاء انني لبنانية اي من بلد العمالة في وجهة نظرهم. في بلدي من يدعم النظام السوري يسمونه عميل لسوريا وايران ومن يعارض النظام السوري يسمونه عميل لأميركا واسرائيل!يعني عادي جدا بأن تصفني الجزائر وصحافتها بعميلة المغرب لأنني أدافع عن مغربية الصحراء ومشروع الحكم الذاتي ومواقفي ضد الانفاصليين ومن يساندهم في الجزائر وضد استفزازات الجزائر للمغرب بتدخله في تقييم حقوق الانسان فيه.
- لنبقى في نفس سياق العمالة.. لي من المعطيات ما يقول أنك سقطت في رحى الأجهزة المخابراتية بين المغرب والجزائر حتى أنه قد تم تهديدك بنشر صور لك مع ديبلوماسي جزائري قبل أقل من سنة، ما تفاصيل هذه المعطيات؟
لا اعرف اي دبلوماسي جزائري أصلا، ولم التق أحدهم حتى التقط صورا معه. ليس لدي علم بهذه الاشاعة، وأول مرة أسمعها. استغرب كيف هي معطيات، ولم اقرأ عنها أو اسمع بها يوما. ربما لأنني بعيدة عن الوسط المخابراتي، أو ثرثرات الصحافة.. على كل، ليس لدي صور في حياتي أخجل بها حتى يهددني بها أحد أصلا، ومن لديه شيء يعايرني به فليفعل، فالساحة مفتوحة.
- أنت من بين أكثر الأسماء التي أصبحت تثير جدلا إعلاميا.. أترين أن ذلك مفيدا لك كناشطة حقوقية؟
دعني أولا أعود بك إلى اللقاء مع الملك، شخصيا أتمنى أن يأتي يوم اتحدث فيه مع الملك محمد السادس مباشرة، ولو لجلسة من خمس دقائق لأقول له كل خلاصة تجربتي مع قضية شائكة مثل قضية الصحراء، تأكد أني سأرتاح حينها لأنني سأكون قد أرحت ضميري كثيرا، وإن لم التقه فأنا في طريقي سائرة مهما كلفني الأمر من إشاعات وشتائم وحروب إعلامية.
بالعودة لسؤالك، كنت في السابق يهزني كلام الناس، الآن أصحبت قاسية وصلبة جدا وابتسم كثيرا بعد كل إشاعة، وبالمناسبة لم أسمع مثلا من أحد أي استغراب لأنني أتعاطى الملف البحريني والنزاع في جنوب اليمن مثلا، فقط لا يرون من نشاطي إلا زاوية الصحراء، ربما لأنني الأقدم فيها، فنشاطي في قضية الجنوب العربي في اليمن بدأت قبل عام، وبالمناسبة لدي جمهور كبير في الجنوب العربي وحوارات وتصريحات كثيرة حول القضية. هكذا يمكنك ان تكتب للقراء أنني أتاجر أيضا بقضية الجنوب العربي، وقضية الثورة البحرينية.. (تضحك).