بيار أحمراني راديو كندا الدولي
تحت عنوان " برميل البارود " نشرت صحيفة لابريس مقالا للخبير في الشؤون الدولية جوسلان كولون حول الوضع المتوتر في شبه جزيرة القرم . قال :
فلنكف عن الأوهام ! فالأزمة الأوكرانية تشمل مجموعة من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والإستراتيجية ما يجعل الحل بعيدا والأفضل التركيز حاليا على إحدى تلك القضايا : الوضع في القرم .
فخلال الأيام القليلة الماضية بُحت أصوات الدبلوماسية الدولية تنديدا بالاعتداء الروسي على القرم . ولم يكن إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري موفقا من حيث اختيار الكلمات فهو قال : " لا يمكن التصرف في القرن الحادي والعشرين كما لو كنا في القرن التاسع عشر واحتلال دولة بحجة ذرائع مفبركة " . وهذا بالضبط ما فعلته الولايات المتحدة باحتلالها العراق عام 2003 بذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل وبدعم من جون كيري نفسه الذي كان يومها عضوا في مجلس الشيوخ ، ما أسفر عن سقوط مئتي ألف قتيل بينما الروس لم يقتلوا أحدا بعد في أوكرانيا .
ويتابع جوسلان كولون : ومع ذلك فالوقت ضيق فروسيا تتصرف بوحشية ومنهجية وتخلق على الأرض أمرا واقعا قد يكون من الصعب العودة عنه لاحقا . فالقرم بات تحت سيطرتها وتم وضع حكومة موالية لروسيا وتطويق القواعد العسكرية الأوكرانية وكل دقيقة تمر تقربنا أكثر من حادث قد يؤدي إلى نزاع مسلح .
ويرى كولون أنه لتفادي الانزلاق ، على المعنيين بالأزمة ، أي الغرب وأوكرانيا وروسيا ، الاتفاق على آلية لتهدئة الأجواء وإطلاق مسيرة لتخفيف التوتر المتصاعد .
الولايات المتحدة عرضت إرسال بعثة مراقبة إلى أوكرانيا حالا تحت لواء الأمم المتحدة أو منظمة التعاون والأمن في أوروبا إذ لدى المنظمتين خبرة طويلة في حل مثل تلك الأزمات . وقد تداولت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الاقتراح الأميركي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . لكن هذه المهمة يصطدم انتشارها بإشكالات جغرافية : ففي حين ستأمل الولايات المتحدة أن يتم الانتشار في القرم وشرق أوكرانيا ، ستصر روسيا بدون شك على حصر انتشارها خارج القرم .
مهما يكن ، يتابع جوسلان كولون في لابريس ، فإذا كانت سبل انتشارها تحتاج إلى تحديد ، فيمكننا على الأقل أن نعتبر أن مهمتها يجب أن تتمحور بداية بحد أدنى على الأهداف التي يسعى الغرب إلى تحقيقها أي منع بوتين من الذهاب إلى أبعد من القرم ، ومراقبة الحدود بين القرم وأوكرانيا ومراقبة تحركات القوى المنتشرة والتحقيق في أسباب الأزمة .
ويؤكد كولون أن ثمة أمرا مؤكدا وهو أن روسيا سترفض كليا العودة إلى الستاتيكو وبوتين يعتبر أن بمقدوره تحمل صدمة العقوبات الاقتصادية كما هو مقتنع تماما أن العقوبات ستنعكس أيضا على أوروبا وبخاصة على صعيد الطاقة .
إن احتلال أرض غريبة على أيدي قوة عظمى ليس وضعا جديدا في النظام الدولي .فتركيا ، حليفة الولايات المتحدة ، احتلت شمال قبرص عام أربعة وسبعين وما زالت تحتله بالرغم من انتشار قوات حفظ سلام دولية وتبني عشرات القرارات الأممية ولم يبال أي زعيم دولي بالوضع هذا .
وإذا كان لمهمة مراقبة دولية من حسنات تهدئة ، فقد تشكل أيضا فخا . فعلى غرار المهمة الدولية في قبرص ، ستجمد الوضع لمصلحة روسيا . وكما في الشأن القبرصي ، سينسى الغرب شبه جزيرة القرم وسيعاودون العلاقات الطيبة مع روسيا وقد يكون ذلك أفضل الحلول على المدى القصير لتجنب الأسوأ ، يختم جوسلان كولون مقالته في لا بريس .