اعترف وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بـ”وقوع خلل في الطريقة التي جرت بها الأمور”.
بخصوص الشكاية التي وضعتها جمعية فرنسية ضد المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني عن “تورطه في التعذيب” في المغرب.
وكشف رئيس الدبلوماسية الفرنسية، مثلما أوردت ذلك قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء، لم تنتبه لها وكالة الأنباء الفرنسية هاته المرة إلا متأخرة، خلال حلوله ضيفا على برنامج “لوكران رونديفو” الذي بثته قنوات “أوروبا1″ “إ-تيلي” و”لوموند”، عن “وقوع خلل في الطريقة التي جرت بها الأمور”، مشيرا إلى أنه “كان يتعين إحاطة المعنيين بالأمر وأن يتم ذلك بطريقة أكثر دبلوماسية”.. وقا: “نأمل أن تهدأ الأمور وهو ما نسعى إليه”، مشددا على أن “فرنسا والمغرب صديقان وسيبقيان كذلك”.
وبخصوص التصريحات المنسوبة للسفير الفرنسي بالأمم المتحدة، أوضح فابيوس أنها “ليست ذات موضوع”، وأن السفير الفرنسي نفسه، الذي يتوفر على الشهود، نفى هذه التصريحات.. وقال فابيوس إنه “يجب إيجاد حلول لتفادي هذا النوع من الحوادث”، مشيرا إلى أنه يعمل مع نظيره المغربي على تحقيق ذلك.
هذا ما يسمونه في العرف الديبلوماسي “العمل على جبر الخاطر”، ويسمونه في الخليج “تبويس اللحى”، ونسميه نحن في المغرب “العيب والعار” الذين ينبغي أن يتأخرا أو لا يكونا أبدا.
فرنسا، من خلال هذا الفصل الذي عبرنا فيه معها، كشفت أنها لا تدرك جيدا معنى متغيرات كثيرة تقع في البلد، أو أنها على العكس من ذلك، وهذا هو الأرجح، تدركها لكن لا تريد الإنصات لها، ولا تريد فهمها واستيعاب معانيها، وأكثر من هاته ومن تلك، لا تقبلها جملة وتفصيلا، وتعتبر أن المغرب غير ملزم بالذهاب فيها حتى الختام.
لذلك لم يكن الرد المغربي “هستيريا” مثلما كتبت أفب، ولم يكن سلاحا نوويا حاولنا به قتل ذبابة، مثلما قال مصدر من “الكي دورسي” أو خارجية فرنسا، قبل أن يعدل فابيوس القذيفة ويلجأ إلى الديبلوماسية في الكلام والفعل.
رد المغرب كان سياديا. رد المغرب كان متعقلا إلى أقصى الحدود، لكن حازما إلى حد بعيد. ورد المغرب كان دالا على أنه من غير الجائز الخلط بين الصداقة المتينة المبنية على العلاقة الثنائية المراعية لمصالح البلدين، وبين المنطق الاستعماري الذي لازال حاضرا للأسف الشديد عند عدد من مسؤولي الدولة في فرنسا Il ne s’agit que du maroc ينقلها البعض عن مسؤولين في فرنسا استسهلوا الخطوة، واعتبروها ممكنة، قبل أن يفهموا برد فعل قوي أن واقع الحال يقول بأن الجملة الصحيحة هي Attention, justement, il s’agit du Maroc وهذا “الماروك” بالتحديد مهم جداً لفرنسا، وهي الأولى تعلم هذا، وتعرف أنه من المستحيل أن تراهن، لأجل مصالحها، على بلد آخر في هاته المنطقة غير بلدنا نفس الرهان.
ولقد جرب هولاند الوصفة، يوم أرسل رئيس حكومته آيرو إلى الجزائر رفقة وفد وزاري هام، وعادت البعثة الحكومية الفرنسية التي كانت تمني النفس بفرص استثمار جديدة وضخمة في الجزائر من هناك بالإضافة إلى تسمم غذائي مس عددا من الوزراء، وجعلهم لا يغادرون خلال كل مقامهم الجزائري الحمام، بخفي حنين من النوع الحديث والرفيع.
نقل حينها الناقلون استياء كبيرا لآيرو من بقائه حبيس جلسة غير مفهومة مع بوتفليقة الغائب الحاضر، مثلما نقلوا عنه اقتناعا كاملا أن المغرب الكبير بالنسبة لفرنسا هو “لوماروك” في هاته اللحظة، ونقلوا عنه الإيمان الواقعي بأن تدبير شأن التعاون مع هذا المكان يمر عبر الكبير المغربي فيه أو لا يمر، والسلام.
لذلك ومع قبول كل الرغبات التي بدأت تظهر هنا وهناك لإقفال الملف ككل، والبدء من جديد، أو قل الاستمرار في علاقتنا المثالية فرنسا، لا بد من التنويه بديبلوماسيتنا وبموقف الحكومة التي لم تتفرج على ما يقع تفرج العاجز، بل مرت إلى الدفاع الشرعي عن النفس وعن البلد، لئلا تستسهل فرنسا مرة أخرى المساس بسيادة المغرب، أو تعتقد، مثلما قال البعض، هنا أو في باريس، إن ما يفعله المغرب مع فرنسا هو الذي يشجع على ترويج صورة ادعى بارديم أنه سمعها، وإن كنا نعرف كذبه، لأن من يمنح عقله وكل أعضاء جسده لعصابة مثل عصابة البوليساريو، لا يستطيع أن يكون صادقا في كلامه وأفعاله أبدا، وتلك حكاية ستظهرالأيام المقبلة كل تفاصيلها…
إنه المغرب أيها السادة، وحين يعي مسؤولونا قيمة البلد ويكبرون كبره، لا يسعنا فعلا إلا أن نصفق لهم، وأن نطالب بالمزيد.