اعتبر عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط، أن المقال الذي نشرته وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)، مساء يوم أمس الخميس (27 فبراير)، بخصوص قرار وزارة العدل والحريات المغربية تعليق العمل بالاتفاقيات القضائية مع السلطات القضائية الفرنسية، يكشف أن الوكالة تنصب نفسها “كدرع إعلامي ناطق باسم السلطات الفرنسية لمعارضة الدور الدبلوماسي الذي يضطلع به المغرب في إفريقيا”.
وأبرز الأستاذ السليمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تعليقا على مقال وكالة الأنباء الفرنسية، الذي يصف رد فعل المغرب بـ”الهستيري”، أن المقال “يكشف عن حمولة عنصرية كبيرة تجاه المؤسسات المغربية والمغاربة، وتمت صياغته بأسلوب يكشف بوضوح أن وكالة الأنباء الفرنسية طرف رئيسي مشارك في الترتيب والإخراج الإعلامي لحادث نقل “الشكاية القضائية المزعومة” إلى السفارة المغربية في باريس.
وأكد المحلل السياسي أن خطورة هذا المقال “تأتي في نظرته العنصرية الاستعلائية لقرار وزارة العدل والحريات المغربية، لدرجة أن الوكالة الفرنسية تعتقد أن المغرب، مقاطعة، فرنسية وليس من حقه طلب التوضيحات واتخاذ الإجراءات الملائمة في مجال سيادي قضائي مغربي”.
وكانت وزارة العدل والحريات أعلنت، الأربعاء (26 فبراير)، أنه تقرر تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، وذلك من أجل تقييم جدواها، وتحيينها بما يتيح تدارك ما يشوبها من اختلالات.
كما تقرر استدعاء قاضية الاتصال المغربية المعتمدة في فرنسا، إلى حين الاتفاق على حلول مناسبة تضمن الاحترام المتبادل والتام لمنطوق وروح الاتفاقيات التي تربط البلدين، صونا لسيادة الدولتين، على أساس مبدأ المساواة، الذي ينبغي أن يحكم علاقتهما.
كما يأتي المقال، يضيف الأستاذ السليمي، في سياق اعتبار وكالة الأنباء الفرنسية الطرف المشارك في الدعاية الممنهجة لمزاعم اللوبي الجزائري و”البوليساريو”، بأن المغرب “استعمل سلاحا نوويا لقتل ذبابة”، مبرزا أن هذا النعت “لا يقدر حجم الخرق المسطري الذي قام به القضاء الفرنسي للاتفاقيات القضائية والمساطر الدبلوماسية”، وأن الوكالة الفرنسية “غير واعية بمخاطر التصريح المهين للمغاربة” من طرف دبلوماسي فرنسي.
وأكد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن وكالة الأنباء الفرنسية كشفت بذلك عن الهدف من وراء دفع جمعية مغمورة إلى وضع شكاية ضد مسؤول مغربي واستعمال دعاية إعلامية تنطلق من الوكالة الفرنسية والإعلام الجزائري في التوقيت نفسه، وهو الشروع في الترويج لمزاعم خروقات حقوق الإنسان قبل أبريل القادم.
والخطير في الأمر، يقول الأستاذ السليمي، هو أن الوكالة الفرنسية “عمدت إلى تنصيب نفسها كمتحدث رسمي باسم الدولة الفرنسية والادعاء بأن هناك ضغطا فرنسيا على الولايات المتحدة الأمريكية لفائدة المغرب”، وقال: “وهنا يبدو أن الوكالة الفرنسية تتطاول على سيادة دولة أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأضاف أن الوكالة تكشف بهذا المقال عن وجود قلق من الدور الدبلوماسي للمغرب في منطقة الساحل والصحراء، وهو قلق، “بات واضحا من خلال ما جاء في مضمون مقال وكالة الأنباء الفرنسية، قلق وانزعاج تشترك فيه لوبيات جزائرية ولوبي إعلامي فرنسي يتمثل في الوكالة (…)، إضافة إلى لوبي فرنسي يسعى إلى توريط الرئاسة الفرنسية في أزمة كبيرة مع المغرب”.
و م ع