بين قصاصة الوكالة الفرنسية و توضيح الوكالة المغربية حول الطريقة الفجة التي تعاملت بها بعض الأطراف الفرنسية في إطار التعاطي مع شكاية مباشرة قدمها دفاع الإنفصالي نعمة اسفاري بمساندة إحدى الجمعيات المناهضة للتعذيب المعروفة في المغرب بإعتبار أنها طوال سنوات كانت أداة في يد الجزائر تحركها كل مرة بمناسبة زيارات الدولة التي كان يقوم بها إلى فرنسا الملك الراحل الحسن الثاني، من أجل التغطية على النجاحات الدبلوماسية للمغرب التي كان يشرف عليها الراحل شخصيا من أجل الدفاع عن المصالح الإستراتيجية للمغرب أمام النخبة والرأي الفرنسي. اليوم تعود الجزائر إلى نفس الأسلوب و بنفس الجمعية، وحدها الأسماء الواضعة للشكايات تبدلت، قبل شهر أدخل البرلمان الإسباني تعديلا على قوانينه حتى يضع حدا لتدخل القضاء الإسباني في القضايا الداخلية لدول أخرى، كما حدث مع قاضي التحقيق غارسون بالتراز و منع القضاء الإسباني الخوض في القضايا الداخلية لدول أخرى استباقا لزيارة مقبلة لأحد القادة الصينيين إلى اسبانيا كان موضوع شكاية قدمها أحد أتباع الدايلي لاما الحامل للجنسية الإسبانية.
فإذا كانت اسبانيا تخلت عن النزعة الإستعمارية في التعاطي قضائيا مع قضايا الشعوب الأخرى، فإن القضاء الفرنسي الذي يتعامى على جرائم ضد الإنسانية الحقيقية التي ارتكبتها القوات الغربية و ضمنهم مجندون فرنسيون في أكثر منطقة من العالم، يخوض اليوم في قضايا رائجة أمام المحاكم المغربية فيها مس بالشأن الداخلي المغربي كما حدث مع قضية اغتيال 11 عنصرا من الدرك الملكي و القوات المساعدة فيما يعرف بقضية اكدم ايزيك بناءا على شكاية تقدم بها زعيم المجموعة نعمة أسفاري المحكوم ابتدائيا ب 30 سنة من أجل القتل و أشياء أخرى.
الجانب المغربي و على لسان وزارة الخارجية استغرب الطريقة السريعة جدا التي تم بها التعاطي مع هذه القضية، شكاية سجلت يوم الخميس و في نفس اليوم يتوجه فيلق من الشرطة إلى مقر إقامة السفير حيث يتواجد وزير الداخلية المغربي من أجل تسليم الطرف المغربي استدعاءا غير معني به بحجة أن الطرف المستدعى يتواجد في مقر سكن السفير، وهي مسألة بسيطة كان من الممكن للفيلق الفرنسي التأكد منها قبل التورط في أسلوب غير لائق دبلوماسيا.
وزير الداخلية المغربي كان في زيارة رسمية و تم استقباله و الوفد المرافق له بشكل رسمي و مصالح البروتوكول في الوزارة الداخلية الفرنسية على علم بأعضاء الوفد المرافق لوزارة الداخلية الذي كان في اجتماع تنسيقي في مقر الوزارة الفرنسية، و أن المعلومة التي على أساسها تحرك الفيلق الفرنسي كانت خاطئة، وهو ما يمثل خطأ جسيما في الأعراف الدبلوماسية وهو ما استدعى احتجاجا رسميا تجد فرنسا حاليا صعوبة كبيرة في لملمته.
قبل شكاية الخميس و في إطار التهيء للآتي نشرت يومية لوموند تصريحا ساقطا في حق المغرب نشرته على لسان الإسباني الموالي للبوليساريو خافيير ياردم الذي اعتبر المغرب خليلة لسادة فرنسا يضاجعونها كل يوم وكان ذلك مقدمة من أجل حملة إعلامية ضد النخبة الفرنسية التي تساند المغرب في حقه من أجل استكمال وحدة ترابه الوطني، وعندما استوت الحملة ووصلت إلى ذروتها مع إطلاق فيلم وثائقي لخافيير ياردام حول البوليساريو، تم تحريك الكومبارس و لم يكن أولهم إلا قاتل عناصر القوات العمومية المرابطة في الصحراء. فمن يكون أول المتحركين؟
إنه نعمة أسفاري، و حتى نقرب الرأي العام من الرجل و نساهم في التعريف بقضيته مجانا فالرجل من مواليد مدينة طانطان و هي جزء من التراب الوطني الذي تم تحريره قبل المسيرة الخضراء و غير معني بالنزاع في الصحراء، و رغم ذلك فالرجل اختار أن ينفصل كشخص عن المغرب.
لقد انفصل كشخص عندما كان يمتهن تهريب السجائر و المتاجرة في المواد الأولية المدعمة بين العيون و طانطان، و هي حرفة ذات بعد نضالي أممي، كيف لا و هو يتبع لتنظيم دولي حرفته المتاجرة في المساعدات الدولية الموجهة إلى ساكنة تندوف ( الشْرَيَّطْ مَا يَمْكَنْ لُو إِلاَّ يَتْبَعْ المَخْيَطْ)، فهاجر المهرب إلى فرنسا سنة 1997 و اكتشف القضية التي تبيض ذهبا و التي يتاجر بها سادة تندوف، و تعرف و هو في عز شبابه على سيدة فاقم صقيع باريس وحدتها فإكتشفت مع الشاب الذي يصغرها بأربعة عشر سنة قضية يتيمة في الساحة الفرنسية ، و من أجل عيون الذي يصغرها بأربعة عشر عاما أنشأت له لجنة "من أجل احترام حقوق الإنسان و الحريات في الصحراء الغربية"لكن لم تأخذها حساسيتها الإنسانية لتهتم بالإنسان على الجانب الآخر من الجدار و تكون انسانيتها المرهفة حساسة كذلك لوضع القابعين في تندوف.
و من يومها و الرجل الفرنسي المتزوج من فرنسية في الخمسينات من العمر و هو مدلل سادة تندوف، و عندما يدخل المغرب فهو يدخل كمدلل تندوف صاحب الحماية الفرنسية التي يوفرها له جوازه الفرنسي الذي أعطاه الحق في الإعتداء على رجال الأمن بالعيون و إهانتهم في ماي 2007، و مع ذلك لم يتم الحكم عليه استئنافيا إلا بشهرين مع وقف التنفيذ و هو ما شجعه على أن يعيد الكرة في أبريل 2008 بمراكش حيث كان مخمورا و اعتدى على مواطنة في الشارع العام و خرب سيارة للشرطة و لم تحكم عليه المحكمة المراكشية إلا بشهرين نافذة.
و لأنه يحمل الجنسية الفرنسية فقد رفض في صيف 2009 بمدينة طانطان أن يقدم أوراق سيارته و أوراقه الثبوتيةإلى الشرطة، لأنه ربما لا يعترف بالشرطة المغربية في مدينة طانطان، و خصهم بوابل من الشتم و تسلح بالحجارة من أجل النيل منهم و مع ذلك فهو لم ينل إلا عقوبة حبسية لم تتجاوز أربعة أشهر.
و لأنه أصبح مهما، و بعد زياراته المتتالية إلى الأراضي المحررة في قلب التراب الجزائري، فقد حضي بشرف تكليفه بعد زيارة للجزائر في سبتمبر 2010 بإقامة مخيم اكدم ايزيك و عهد له بالإشراف التام على التنسيق مع سادة تندوف و تكلف بتمويل العملية و تكوين الميليشيات و توفير الأسلحة البيضاء و الدخيرة الحية للعقول من صنف الماحيا و الشيرة لأنها في عرفه وقود المواجهة و الفداء.
و عندما تم اعتقاله لم تعتر عنده عناصر الدرك الملكي بعد تفكيك المخيم يوم 8.10.2010 إلا على:
*30.000 دينار جزائري
*5000 أورو
*10.000 دولار أمريكي
* 500 درهم مغربي بعد أن تم صرف الميزانية المخصصة لشراء مستلزمات العمل الحقوقي من قبيل قنابل الكوكتيل مولوتوف و قنينات الغاز و الأسلحة البيضاء التي استعملت في مواجهة القوات العمومية.
فالرجل المهاجر المتزوج من أستاذة و في إطار السياحة الداخلية كان يحمل معه داخل مخيم اكديم إيزيك كل هذه الأموال الطائلة و هو المناضل الإنساني الحقوقي الذي تعود على العيش على الكفاف.
بعد اعتقاله من طرف الدرك في العيون تم تقديمه أمام النيابة العامة في العيون بعد استنفاذ الحراسة النظرية التي أحالته على المحكمة العسكرية و حضرت محاكمته كل أبواق البوليساريو الحقوقية و الإعلامية قبل أن تحكم عليه المحكمة بثلاثين عاما.
ولنضع السؤال ماذا كان سيحصل لو أن الرجل اطلق سراحه في العيون و يده ملوثة بدماء 11 شخصا من الدرك الملكي الذين كانوا لايزالون في طور التأهيل و غير مسلحين و تم تكليفهم بمهمة تفكيك المخيم كقوة عمومية لم تكن تنتظر الأيادي الغادرة التي حرمتها من الحق في الحياة بعدأن تم نحرهم كالخراف و التبول على جثتهم.
"الشيبانية ديالو" ذات الأربع و خمسين عاما تريد له أن يعود سريعا بين أحضانها، فهي تعرف أنه ربما لن تعيش ثلاثين عاما أخرى كي تستفيذ من الدافع الحقيقي وراء احتضانها للإنفصال و أهله و حتى إذا عاشت يكون الدهر قد قضى منها و منه وطره، و لن يصلح العطار حينها ما أفسد الدهر، فلم يكن ممكنا لها إلا أن تحرك عجائز فرنسا من أجل مساندتها و أن ترفع السقف عاليا على أمل أن يعود الصبي القاتل إلى أحضانها.
حمو واليزيد الأكوري