للكاتب الدكتور حاتم السكتاني
كان لزيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمالي أثر البلسم الشافي بعد فترة صعبة عاشها هذا البلد الشقيق وتمكنت هذه الدولة اليوم من استرجاع أمنها وطمأنينتها واستشرفت غدا أفضل بفضل تضامن العائلة الدولية لاسيما الدور المحوري الذي لعبته فرنسا ودول إفريقية من بينها ومن أبرزها مغرب السلم والخير.
لا يطمع المغرب في زعامة وهمية كما يدعي بعض الأشقاء لأنه، ولسبب بسيط، يعتبر الدول مهما كبرت أو صغرت مساحتها دولا ذات سيادة يسعى لوحدة شعوبها ولأمنهم الاجتماعي والاقتصادي والروحي ولا يفعل هذا للتآمر على الجزائر لأنها جارة عزيزة على المغاربة. لا نتمنى لشعب المليون شهيد سوى السعادة والرخاء ولحمة شعبه. لا نتدخل في شؤونه الداخلية ولا في علاقاته مع الدول ذات السيادة ولا حتى في من سيحكمه لأنه شأن داخلي محض، وسنكون بإذن الله أول من سيهنئ الرئيس المنتخب مهما كان انتماؤه وخلفيته السياسية ومواقفه من المغرب لأننا كرسنا في دساتيرنا واقتنعنا بمبدئ حسن الجوار.
فليهدإ الأعداء ! فالمغرب ليس قوة عظمى لأن العظمة لله عز وجل وقوة المغرب والمغاربة تكمن في سعيهم لإسعاد الآخر ولم شمل من تفرق ومد يد الخير برجولة وكف الأذى عن الناس لأنه أدنى درجة من درجة الإيمان.
المغرب لم يسلح قط أحدا ولا آوى معارضة بلد آخر في أراضيه، وكان بإمكانه فعل ذلك وزرع القلاقل وبت الفتن إلا أن مؤسسة إمارة المؤمنين تحرص كل الحرص على التقيد بمبادئ الإسلام السمح المعتدل الساعي لفعل الخير والرد على كل إساءة بالصفح. هذه نقاط قوة المغرب والمغاربة لمن يجهلها أو يتجاهلها وهذا هو سبب انجذاب البلدان الإفريقية ذات السيادة نحو المغرب الأخ الكبير، الأخ السخي، الأخ المعطاء حتى ولو كانت به خصاصة. إنها سنة رسول الله (ص) ونهج حفيد رسول الله (ص) صاحب الجلالة وأمير المؤمنين الملك محمد السادس حفظه الله، الذي جعل من عقيدة جيشه الباسل السلم وحفظ الأمن الدولي وشفاء مرضى وضحايا الحروب المقيتة التي لم يعد لها في عصرنا هذا مكان وسط أسرة دولية لم تعد تؤمن بالحدود ولا بالكيانات المنعزلة.
اليوم ملكنا في مالي وغدا في بلد شقيق آخر وهكذا دواليك، وإذا كان للمولى الحسن الأول عرش فوق صهوة جواده فللملك محمد السادس عرش عابر للبر وللبحر وللجو. عرش ينشر قيم الخير والأخوة والإنسانية ويسمو على كل الإساءات وعلى سوء فهم الآخر وعلى الحقد والأنانية.
سنصلي بإذن الله في كل مسجد من مساجد إفريقيا وسننشر قيم الخير والفضيلة ونقدم يد المساعدة للآخر قدر المستطاع بل وفوق المستطاع لأن إفريقيا هي أم المغاربة والجزائر هي أيضا أخت المغرب.
تعالوا يا أشقاء يوم تأكدكم من أن المغرب يتمنى لبلدكم التقدم والأمن والوحدة بنفس القدر الذي نتمناه لبلدنا. تعالوا يا أشقاء لنصلي صلاة نطهر بها قلوبنا من الغل وننظر جميعا لغد مشرق في ظل مغرب كبير موحد. تعالوا نصلي في مراكش أو فاس أو الداخلة، وتعالوا نصلي في قسطنطينة أو وهران أو تلمسان.
ستسألونني عن العدو المضمن في عنوان هذا المقال فأجيب أن العدو الحقيقي للمغرب هو كل معيق لتقدم المغرب وإشعاعه وكل مانع لاستكمال المغرب لوحدته الترابية وكل مناوئ لها.