مرت ثلاث سنوات على انطلاق حركة 20 فبراير. وتحولت الحركة مع مرور الوقت إلى عنوان فضفاض للكسب السياسي. ومع الابتعاد عن لحظة التأسيس أصبحت الحركة وحراكها الشبابي خاضعة للتأويل. فحركة 20 فبراير لدى العدل والإحسان تختلف عن حركة 20 فبراير لدى النهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وتختلف عن حركة 20 فبراير لدى العدالة والتنمية. هناك من يزعم أن حركة 20 فبراير هي التي تقف وراء التحولات التي عرفها المغرب، وأنه لولاها لظل المغرب بعيدا عن روح الديمقراطية وعن روح الدستور الجديد. بمعنى أن كل المكاسب التي حصلت في المغرب هي من أفضال حركة 20 فبراير. وهذا اختزال لحركة النضال المغربي، وهذا التحليل تسطيحي لا ينظر إلى ما حدث في بلدان الربيع العربي على أنه ليس تحولا ولا ثورة ولا تغييرا وإنما صناعة تمت في مراكز صنع القرار العالمي، وأن التحركات الشعبية لم تكن لتحقق أهدافها لولا وجود إرادة من الخارج. هذا الاختزال والتسطيح أبان عن بوار التحليل الاستراتيجي في المنطقة العربية الذي لا يختلف عن رأي الشارع واتجاهات الشارع، وكل ما تم قوله ونشره عن الربيع العربي "طلع" كلاما فارغا ولم يتم تحقق أي رؤية من تلك التي ملأت الدنيا وملأت الفضائيات وبشرت بالغد الأفضل للثورة العربية، حيث أصبحت شعوب الربيع العربي كاملة ودون استثناء تتمنى يوما واحدا من الماضي القريب. وفي المغرب وقع الكثيرون في التسطيح الناتج عن الشعارات الشارعية ولم يصدقوا أن البلدان تختلف، ولما قلنا إن المغرب يشكل استثناءً ضحك منا البعض وحذرنا البعض من أن نكون ضحايا الثورة القادمة "لا ريب فيها"، ولما قلنا إن الثورة في المغرب قدرها مختلف عن باقي البلدان، أي أنها ثورة لا تتم إلا بالاشتراك بين الملك والشعب قال الكثيرون إنكم خاطئون، إلى أن أكد الزمن صحة هذه الرؤية. وتمت الثورة المغربية كامتداد للثورات السابقة بعد أن استجابت المؤسسة الملكية للمطالب الشعبية في سرعة غير معروفة في باقي البلدان، لكن من الخطإ اعتبار أن ما تحقق في المغرب هو نتيجة لهذا الحراك، ولكنه خلاصة تاريخ من التحولات. فقبل هذا المسمى ربيعا عربيا دخل المغرب في مجموعة من الإصلاحات وعلى رأسها التصالح مع التاريخ وطي ملف سنوات الرصاص وإقرار مبدإ الجهوية الموسعة الذي هو بمثابة ثورة في مجال التدبير. هذه التحولات تزعج شيوخ الخرجات والوقفات الاحتجاجية لأنها تقطع الطريق على الاستغلال البشع للشباب ولمطالبهم. ففي اليوم الأول لخروج حركة 20 فبراير قلنا إننا سمعنا مطالب الشيوخ ولم نسمع مطالب الشباب. كان على جماعة العدل والإحسان التي تنتظر الخلافة وعلى النهج الديمقراطي الذي يريد جمهورية ستالينية ترك الشباب يعبر عن مطالبه مهما كانت جذرية لنعرفها على الأقل. إذا كان هناك من يريد إحياء حركة 20 فبراير فعليه أن يحيي روحها التي هي الواقعية والابتعاد عن الأحلام واعتبار الربيع العربي مجرد خدعة دولية ومباركة الإصلاحات وتقويتها والتعاون على خير البلاد والعباد أما إنتاج الفوضى فهو أسهل طريق للفساد.