تفوّق الوزير التوفيق حين وضع الأصبع على الداء وهو يتحدث عن "البضاعة الفاسدة" في المساجد، خلال رده على سؤال يتعلق بانزلاق بعض الأئمة الخطباء في أشياء من قبيل "إن تبد لكم تسؤكم"، ويذهب هذا البعض مذاهب شتى تارة مناصرين وتارة أخرى معارضين لفكرة أو موقف، مما يحدث البلبلة في أوساط المصلين مع ما يمكن أن يؤدي ذلك إلى وقوع خلط في المفاهيم والمعتقدات، وما قد ينتج عن هذا وذاك من مواقف وسلوكات ما أنزل الله بها من سلطان تصبّ في النهاية لخدمة أغراض ومقاصد متطرفة غريبة عن مذهب وشعيرة المغاربة. شبّه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية خطبة الجمعة بالمنتوج الذي يقدّم للمستهلك. والمنتوج المقّدّم هو بضاعة، والبضاعة فيها الفاسد وفيها الجيد. وبقدر ما تكون البضاعة الجيّدة نافعة بقدر ما تكون البضاعة الفاسدة مضرة. وهنا يكمن الدور المهم والأساسي لوزارة التوفيق في توفير الحماية التامة للبضاعة الجيدة مع ضمان استمرار جودتها وفي نفس الآن التصدي لمحاربة البضاعة الفاسدة التي تهلك الحرث والنسل مع ما يتطلب ذلك من وسائل زجر الغش. وقد عبّر الوزير عن حرص الوزارة لمجابهة كل ما من شأنه أن يستغل المساجد، ويسخّر منبر الإمامة لتصريف وتمرير خطابات وأطروحات مغرضة أو لا علاقة لها بعقيدة ومذهب المغاربة المتشبثين بكتاب الله وسنّة رسوله الكريم والحنفية السمحاء التي لا يضل عنها إلا هالك. لا بد هنا من ذكر الدور الكبير لإمارة المؤمنين التي شكّلت على الدوام صمّام الأمان للأمة المغربية، والتي كانت الدرع الواقي من أيّ انزلاق أو انحراف عن المقاصد الإسلامية الحقيقية نحو المهالك التي لا تؤدي إلاّ لما لا تحمد عقباه، مما شكّل استثناءً ونموذجا فريدا على امتداد أطراف العالم الإسلامي. وما العناية الخاصة التي دأبت عليها إمارة المؤمنين في هذا البلد الأمين بخصوص الساهرين على بيوت الله، والاهتمام بأوضاعهم وأحوالهم من خلال عدة إجراءات ملموسة، سوى دليل آخر على المواكبة والمتابعة الملكية للارتقاء بالشأن الديني وصونه من أيّ عبث أو زيغ أو انزلاق يرمي في النهاية إلى ترويج البضاعة الفاسدة. وفي هذا الصدد، تأتي المبادرة الملكية بتخصيص مكافأة شهرية (ابتداءً من فاتح يناير 2014) لكل من يزاول مهمة الأذان بالمساجد، وبتمتيع المؤذنين والخطباء ومراقبي المساجد بالتأمين الصحي الأساسي والتكميلي. يأتي هذا بعد سلسلة إجراءات سابقة همّت مختلف القيّمين بالشأن الديني والساهرين على حمايته من فيروسات البضاعة الفاسدة. "فأمّا الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض." صدق الله العظيم.