كجمرة قد لا يتم تحمل مسها، طرقت قبل أيام كلمة "الرحيل" في باب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة صاحب الستة و سبعين عاما في عمره و الذي تولى رئاسة الجزائر منذ سنة 1999، بعدما أعلن بشكل رسمي ترشحه للانتخابات الرئاسية التي من المنتظر أن تجري في 17 أبريل المقبل.
و كان مرسل هذه الكلمة اللواء المتقاعد من الجيش الجزائري حسين بن حديد في حوار نشر ــ حسب وكالة ( أ ف ب ) ــ في جريدتي الخبر الصادرة بالعربية و الوطن الصادرة بالفرنسية يتحدث باسم العديد من زملائه دون ذكر أسمائهم ــ حسب نفس المصدر ــ حيث قال : " هذا ما اطلبه من الرئيس بوتفليقة : كما جاء بشعار العزة والكرامة (شعار بوتفليقة في الانتخابات التي أوصلته للحكم في 1999) عليه أن يرحل بهذا الشعار ليترك الجزائر تستعيد أنفاسها ".
و من خلال هذه الرسالة التي يوجهها أحد أعمدة الجيش الذي استقال من منصبه سنة 1996 و الذي كان قائدا للفرقة المدرعة الثانية، ثم قائدا للناحية العسكرية الثالثة ببشار جنوب غرب البلاد ومستشارا لرئيس الجمهورية ووزير الدفاع اليمين زروال، فإن الجزائر أصبحت في مفترق الطرق، الأولى تؤدي إلى استعادتها لقواها اقتصاديا، اجتماعيا و سياسيا التي أفقدها الفساد الذي (عشعش ) فيها بمباركة إن لم نقل باحتضان من طرف حاشية الرئيس الذي لازال يعيش تحت تأثير الجلطة الدماغية التي تطلبت منه ثمانون يوما من العلاج في فرنسا و على رأسهم أخوه السعيد بوتفليقة أو الاندحار و الغوص في المزيد مما قد يكون فيه الشعب الجزائري الشقيق هو الضحية الأولى و الأخيرة فيما يجري في دواليب هرم الحكم بالبلاد.
و في خروج من الصمت و قد تكون الخرجة الأولى من نوعها منذ مرضه، وجه الرئيس بوتفليقة رسالة تعزية إلى الجيش بعد سقوط طائرة نقل عسكرية " هيركول سي 130 " التي ذهب ضحيتها 77 راكباً من جنود وإطارات سامية بالجيش الوطني الشعبي، اعتبر البعض محتوى هذه الرسالة خلطا بين ما هو اجتماعي (التعزية) و سياسي (التكالب على المؤسسة العسكرية) بل تساءل قادة المعارضة عن توقيت خروج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن صمته كتابيا عبر هذه البرقية معتبرين أن " طبخة رئاسيات الجزائر قد استوت في أعلى هرم السلطة "...
و بين طرح الرحيل و التشبث بكرسي السلطة على رأس الجزائر، تعيش بعض مناطق الجزائر احتقانات خطيرة في الأوساط الشعبية و خاصة الأمازيغ منها حيث أصبحت تستنجد بالمنتظم الدولي لفك الحصار المضروب عليها و خاصة في منطقة غرداية ( 600 كلم جنوب العاصمة الجزائرية ) بعد تخلي السلطات العمومية محليا و وطنيا عن وعدها لاستتباب الأمن و الاستقرار في المنطقة بعد الأحداث الأخيرة التي ذهب ضحيتها عدد من القتلى و مئات الجرحى و ناهيك عن المعتقلين...
عياد الأزعر(جريدة العلم)