يتحدث شيما جيل في كتابه الذي صدر مؤخرا حول "البوليساريو، حكاية جبهة.." الذي جاء بعد كتاب سابق له بعنوان "ماذا تخفي البوليساريو؟". ويعتبر شيما جيل من الكتاب والمحللين الإسبان المتابعين لموضوع النزاع المفتعل في الصحراء، بل إنه انكب منذ عدة سنوات على متابعة ودراسة هذه القضية، مما جعله يخلص إلى القول إن "الشعب الإسباني كونّ لنفسه فكرة غير حقيقية عن البوليساريو". ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول يتعلق بتاريخ النزاع في الصحراء. الجزء الثاني للحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان منذ بداية النزاع، بينما الجزء الثالث يتعرض للعلاقة بين "جبهة البوليساريو" والأمن الدولي. بعد هذا التقديم لكتابه، قال شيما جيل في حوار صحفي إن الشعب الإسباني كوّن لنفسه فكرة غير حقيقية عن "البوليساريو". وعبر عن أمنيته في أن يقدم رؤية جديدة حول حقيقة منظمة "البوليساريو" الانفصالية من خلال هذا الكتاب. بالنسبة لموقف "البوليساريو" ضد الأمن الدولي، يؤكد المحلل الإسباني شيما جيل أن "البوليساريو" هو تنظيم عسكري يوجد في منطقة استراتيجية بالساحل والصحراء. وكان من نتائج وجوده تدهور ظروف الحياة في مخيمات تندوف. وبالتالي تطورت الجريمة بشكل سريع في هذه المنطقة، مما يجعلنا نقول إنه توجد بين الانفصاليين شبكة إجرامية تنشط في مجال الجريمة المنظمة (ترويج المخدرات والاتجار في الأسلحة والبشر...) وانطلاقا من هنا، فإن "البوليساريو" تشكل خطرا يهدد الأمن الدولي. بخصوص الانتفاضة التي تهز مخيمات تندوف، يؤكد الباحث الإسباني شيما جيل أن السلطات الجزائرية قامت فعلا، في شهر دجنبر الماضي، بقتل مواطنين صحراويين كانا يستعدان لعبور الحدود الموريتانية. ولحد الآن، لا الجزائر ولا "البوليساريو" كلفتا أنفسهما عناء تقديم تفسيرات حول هذه الجريمة، مما أدى إلى اندلاع ثورة في مخيمات تندوف. وجاءت هذه الثورة للاحتجاج على اغتيال هذين الشابين، وللتنديد بالصمت المطبق لقيادة الانفصاليين. أكثر من ذلك، فإن هذه الانتفاضة، في رأي الباحث الإسباني، مكنت الصحراويين، الذين يعيشون أزمة خطيرة داخل المخيمات، من اكتشاف الوجه الحقيقي لـ"البوليساريو" الذي لا يعمل إلا من أجل خدمة المصالح الجزائرية. من ناحية ثانية، يرى شيما جيل أنه كلما كان هناك نزاع بين طرفين في نفس البلد، فإن المستفيد الأول منه هم الإرهابيون. وأحداث مالي خير دليل. لذلك، فإن أي شكل من أشكال التوتر في مخيمات تندوف يمكن أن تستغله الحركات المتطرفة التي تعمل في الساحل والصحراء. ومن هنا، فإن الحديث عن وجود تحالف بين الخلايا الإرهابية و"جبهة البوليساريو" محتمل، خاصة أن قيادة الانفصاليين تربطها علاقات قوية مع إرهابيين خطيرين، على غرار مختار بلمختار: الملقب بـ"مستر مارلبورو". يمضي الباحث في تحليل الوضع بالمنطقة ليقول إنه يجب أن نعرف أن الإخلال بالاستقرار في هذه المنطقة يمكن أن يمس جميع البلدان المجاورة. بل يعتبر أن فرنسا وإسبانيا مدعوتان للتآزر فيما بينهما لمواجهة هذا الخطر، وعلى الأخص من أجل دعم المقترح المغربي حول الحكم الذاتي، لأنه يصب في مصلحة الجميع. وحول رأيه، كباحث، في المقترح المغربي المذكور، يوضح شيما جيل أن الدولة تتحدد من خلال مؤسساتها، بوجود تاريخ مشترك، وثقافة مشتركة، ولغة مشتركة، ونظام قضاء مشترك ثم سياسة خارجية موحدة. وكل هذه العناصر لا توجد لدى دعاة الانفصال الذين يحلمون بـ"دولة مستقلة". بل إن شيما يذهب إلى التأكيد على أن الشعوب لا تتشكل بواسطة تقرير المصير، بل على أساس وجود وحدة أو اتحاد على غرار الاتحاد المغاربي أو الاتحاد الإفريقي، فالإنسانية تتقوّى بفعل التحالفات وليس بالانقسامات. وعلى الجزائر أن تغير مواقفها العدائية تجاه المغرب.
النهار المغربية