صوفيا المنصوري، إعلامية وفاعلة جمعوية مغربية، و رئيسة لجنة مغاربة شمال فرنسا لتعديل الدستور، انخرطت في ديار المهجر في ورش تقريب المهاجرين المغاربة من الصورة العامة للتحولات الإصلاحية التي جاءت بخطاب تاسع مارس الماضي، وما يؤسس له من قيم ديمقراطية تعني المغربي الذي يعيش بالداخل، مثلما تعني المغربي الذي يعيش بالمهجر، تحولات إصلاحية اعتبرت تجاوب الشعب المغربي معها درسا للجميع بان هناك ثورات عميقة تروم البناء و التقويم و التصحيح في هدوء واستقرار، مشيرة في هذا الحوار، أن الربيع المغربي بدأ مند يوليوز 1999، مشددة على أن الانتقال الديمقراطي في المغرب مرتبط بمدى قوة الأحزاب في التعاطي مع شروط المرحلة من اجل تنزيل أفضل لمضامين الوثيقة الدستورية الجديدة، مع دعوتها إلى تأهيل المواطن حتى يكون منخرطا بشكل ايجابي في إنجاح المرحلة بالمراقبة والاقتراح والتأثير، أيضا، تكلمت صوفيا المنصوري، عن الجالية المغربية في فرنسا ودورها في الاصلاح، ومدى ما يتيحه الدستور الجديد من نقاش متجدد داخل أوساط هذه الفئة من الشعب المغربي، مثلما لم تفتها الإشادة بحملة الأبواب المفتوحة التي نظمتها جبهة القوى الديمقراطية، معتبرة أن ذلك يعد مدخلا واقعيا لأي تفاعل وتنزيل جدي لمقتضيات الدستور الجديد...نتابع الحوار:
- كيف تقيمين التبني الشعبي الواسع للدستور الجديد ؟
لقد عرف المغرب ملكا وشعبا كيف يصنع التميز في وقت كانت الأجواء الإقليمية و العربية و الدولية تعيش على إيقاع الثورات و الانتفاضات الشعبية ,و كان الكل يراهن على أن رياح الربيع العربي ستعصف بالمغرب و آن الشعب سينتفض و أن انتفاضته ستكون أقوى مما كان عليه الأمر في تونس و مصر ,غير أن المغرب أعطى درسا للجميع بان هناك ثورات عميقة تروم البناء و التقويم و التصحيح ، في هدوء واستقرار ، وأن الربيع المغربي بدا مند يوليوز 1999 وتوج بإصلاحات دستورية هامة شارك فيها الجميع ملكا و شعبا بكل فئاته ومؤسساته .
لدا فالتبني الشعبي للدستور الجديد كان شيئا منتظرا بالنظر إلى الإجماع الوطني الذي حظي به خطاب التاسع من مارس , الذي فتح بابا من أبواب الثقة و الاطمئنان في صفوف المواطنين , و اسمع ما يرتجيه الشعب المغربي و فتح اذهانه إلى ما يجب إتباعه في كل القضايا المطروحة من اجل تحصين المكتسبات, فالمجتمع المغربي بجميع مكوناته كان مشدودا إلى النبرة الجديدة لخطاب التاسع من مارس و أدرك في كل لحظة انه معني مباشرة بكل مضامينه , فقد مكن هذا من فهم الجميع لتصور عاهل البلاد للمسؤولية الملقاة على عاتقه في إطار مفهومه للدولة الحديثة و كدا في تطلعاته و الأولويات التي يضعها لبلده و في ما ينتظره من مختلف الفاعلين السياسيين و الاقتصاديين و الاجتماعيين و في الطريقة التي يتمثل بها العالم و العلائق التي تحكمه . أو تلك التي يتعين أن تحكمه فقد استمع المغاربة إلى عاهلهم و استوعبوا قيمه و اختياراته و توجهاته و مشروعه ,فانخرط الجميع في النقاش الواسع الذي سبق الاستفتاء الدستوري ,لقد خرج الدستور المغربي الجديد من رحم الشعب و لم يكن تبنيه اعتباطيا بل كان نتيجة طبيعية لنقاش واسع شارك فيه المجتمع المغربي مدنيا و سياسيا و نقابيا و إعلاميا داخل و خارج ارض الوطن ,فجاء الدستور الجديد مفصلا وهذا من طبيعة الدساتير الديمقراطية باعتبارها وثيقة توقعية، كما تضمن ديباجة مهمة تستحق هذا اللقب، ووسع حقوق الإنسان في المجال الاجتماعي، وكرس حقوق فئات جديدة من المجتمع كالمرأة والطفل والأسرة والمغاربة في الخارج، وذوي الحاجات الخاصة، والأجانب المقيمين بالمغرب.لدا فتبنيه شئ منطقي .
- الدسـتور الجديد يؤطر لحياة وطنية جديدة ولعلاقات مجتمعية ومؤسسية جديدة .. ماهي في نظرك المهام المطروحة على الأحزاب السياسية في ظل الدستور الجديد ؟ وهل هي مؤهلة لذلك؟
من أولى المهام المطروحة على الأحزاب السياسية هو العمل على تنزيل مضامين الدستور الجديد إلى أرض الواقع, فمن داخل هده الأحزاب سيتم اختيار رئيس الحكومة و الحكومة نفسها التي ستضع السياسات العامة للدولة في "السكن و التشغيل و الصحة و التعليم.....", من داخل هده الأحزاب سيتم تشكيل البرلمان و الفرق البرلمانية و اللجان التي ستسن و تشرع و تضع القوانين التنظيمية التي ستمكن من ترجمة بنود الدستور.
اذن فالأحزاب السياسية هي من يملك مفاتيح اللعبة السياسية . لكن كل هذه المهام الحيوية و الهامة ستظل مرهونة بأن يجتاز المشهد الحزبي الأزمة التي يتخبط فيها ,فاحترام الدستور و تنزيله مرتبط أساسا بالثقافة السياسية السائدة ,إذ لا يمكن تكريس نظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الدستور هوا لأسمى دون وجود دعامات أساسية ممثلة في أحزاب ديمقراطية , و ادا كان لا أحد ينكر دور الأحزاب السياسية في مجمل الحركة السياسية في آي بلد و لا أحد ينكر بان لها دور ريادي في تغذية الديمقراطية لكنه دور مرتبط أساسا بطبيعة النخب التي تدير تلك الأحزاب و سؤال الديمقراطية الداخلية ,فالمشكل الحقيقي الذي تعاني منه العديد من الأحزاب السياسية هو البيروقراطية المركزية بالإضافة إلى الارتجالية و الموسمية و غلبة منطق الولاءات العائلية و الشخصية و الزبونية , و هده كلها عوامل ساهمت في إفقاد المشهد الحزبي مناعته و مصداقيته و قلصت ثقة المواطنين فيه .و ادا استمر الوضع على ما هو عليه فسيكون من المستبعد أن تقوم الأحزاب حاليا بدورها الدستوري الحقيقي .
إن المطلوب في نظري في هده المرحلة هو تكريس مبادئ الشفافية و الكفاءة داخل الأحزاب و احترام هده الأخيرة للقانون المنظم لها وإعمال آليات الحكامة الرشيدة و شفافية المالية الحزبية و توسيع صلاحيات اتخاذ القرار الحزبي الداخلي و تشجيع النساء و الشباب على الانخراط في دائرة اتخاد القرار .
و كما قلت سابقا مخطئ من يعتقد انه يمكن إنجاح ورش الانتقال الديمقراطي في المغرب دون الاعتماد على أحزاب ديمقراطية قوية خطابا و ممارسة ,دلك أن صلابة أية ديمقراطية تنتج أصلا عن صلابة المشهد الحزبي , و أعتقد أن للأحزاب السياسية في هدا الصدد فرصة تاريخية لكي تلعب دور القاطرة في مغرب ما بعد فاتح يوليوز.
وما هي في نظرك المهام المطروحة على هيئات المجتمع المدني في ظل الدستور الجديد ؟ وهل هي مؤهلة لذلك ؟
لقد أقر الدستور الجديد بوضع ودور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية كأطراف فاعلة في الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها ، سواء على المستوى الوطني أو المحلي أو الجماعي ,من خلال الفصل "12 ", و تعتبر منظمات المجتمع المدني هي العين الساهرة على المجتمع وعلى الدستور ، حيث يقوم أفراد المجتمع من خلال هذه المنظمات المستقلة عن سيطرة ونفوذ السلطة بممارسة دورهم و حقوقهم في اختيار ومراقبة السلطات العامة في الدولة وما تصدره هذه السلطات من قوانين و لوائح وتشريعات و مدى مطابقة هذه القوانين لمبادئ الدستور ، إذ تقوم منظمات حقوق الإنسان و منظمات المجتمع المدني المختلفة بمهمة الرقابة على دستورية القوانين، و يجب أن لا ننسى دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق التنمية الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، حيث تعتبر هذه الممارسات جزءا من العملية الديمقراطية ذاتها .
لكن ما قيل عن الوضع المتأزم الذي يعاني منه المشهد الحزبي ، يقال عن المجتمع المدني ,الذي يعرف بدوره أعطابا تنظيمية و تكوينية تجعل الفاعلين فيه يخلطون بين حدود المدني و السياسي,فمنظمات المجتمع المدني مطالبة هي كذلك باحترام القوانين المنظمة لها و نهج الشفافية في التسيير و فتح المجال أمام كفاءات متجددة و اعتماد مبدأ التداول على التسيير الداخلي ,فكم من جمعية و منظمة ظلت لسنوات عديدة حكرا على عدد من الأشخاص الذين أسسوها بحيث يتناوبون على مراكز القرار فيما بينهم .
إن ترسيخ دولة الحق و المؤسسات لابد أن يمر بتأهيل المواطن، و جعله متحررا منخرطا في الشأن العام بالانتخاب و الاقتراح و بالمراقبة و التأثير، و هذه الأمور لا تتحقق إلا عبر ظهور مجتمع مدني حقيقي مستقل عن مؤسسات الدولة و يشتغل بالموازاة معها، هذه الاستقلالية يستمدها من قواعد الحريات العامة التي تسمح بإنشاء الجمعيات و المنظمات القادرة على استيعاب المبادرات و النقاشات و التيارات المجتمعية و تشكل الخزان الحقيقي لتشكيل الرأي العام و الفعل المجتمعي , ثم أكثر من هدا و داك منح ديناميكية لعمل المجتمع المدني و على هدا الأخير احترام مجالات اشتغاله ,فلا يمكن للمجتمع المدني أن يعوض مهام الأحزاب السياسية و العكس صحيح .
- كيف تتصورين طبيعة مجلس النواب المقبل، وطبيعة الحكومة المقبلة ؟
شخصيا لست مع الذين يحاولون وضع التخمينات و التكهن بطبيعة البرلمان المقبل و الحكومة المقبلة و ترجيح كفة حزب على آخر , والاستنتاج بما يشبه الجزم مثلا بأن الإسلاميين هم الذين سيقودون الحكومة المقبلة .
لكن سأجيب على السؤال بأن فصول و بنود الدستور الجديد تشير إلى أن أبرز سمة لكل المؤسسات السياسية المقبلة هو ربط المسؤولية بالمحاسبة ,و هدا يعني أن كل من سيشغل منصبا آو توكل له مسؤولية سيحاسب , زد على ذلك أن البرلمان المقبل ستغيب عنه ظاهرة الترحال السياسي و بالمناسبة "فدسترة منع الترحال البرلماني يعد انتصارا لجبهة القوى الديمقراطية التي طالها الحيف في الاستحقاقات السابقة حيث بسبب تصرفات مجموعة من الأشخاص الدين دخلوا غمار الانتخابات باسم الحزب ليغيروا في البرلمان انتمائهم مقابل المال, حرم الحزب من فريقه النيابي , زد على دلك أن دسترة المنع أبان - للذين استهجنوا لجوء الحزب إلى القضاء ضد من زوروا إرادة الناخبين بتغيير انتمائهم الحزبي داخل البرلمان - أن الجبهة كانت على صواب ".كما أننا سنكون أمام معارضة برلمانية واضحة المعالم ,ومجلس واسع الاختصاصات التشريعية و الرقابية ,و حكومة متجانسة برئيس للحكومة و الذي سيتمتع بصلاحيات واسعة .
من كل ما تقدم أعود و أقول بأن طبيعة كل من مجلس النواب و الحكومة المقبلين مرتبطة أولا و قبل كل شئ بكيفية إدارة و تدبير جل الفاعلين لمحطة الاستحقاقات المقبلة ,الأحزاب السياسية بمنح التزكية للمرشحين الأكفاء القادرين على تحمل المسؤولية في السلطتين البرلمانية و الحكومية و تحقيق انطلاقة جيدة لتنزيل الدستور ,السلطات الحكومية و القضائية بالتصدي لكل الخروقات التي تشوب العملية الانتخابية من استعمال للمال و شراء للأصوات و استغلال للنفوذ و استخدام للدين , المجتمع المدني بلعب دور المراقب و المتتبع لسير العملية الانتخابية و عدم التهاون في فضح كل ممارسة انتخابية مشينة و غير دستورية.
- كيف عشت بالمهجر وسط الجالية المغربية والأوساط الفرنسية النقاشات التي سبقت استفتاء فاتح يوليوز على الدستور الجديد ؟
المجتمع الفرنسي كان مهتما جدا بالنقاشات التي كانت تدور حول الإصلاح الدستوري و دلك ما عكسه إعلامه حيث سواء في القنوات التلفزية أو الإذاعية أو على صفحات الجرائد تم تخصيص حيز هام للحديث و مناقشة مضامين خطاب التاسع من مارس و محاولة رسم معالم الدستور المغربي ,ثم لا ننسى أن فرنسا كانت السباقة للإشادة بمضامين خطاب التاسع من مارس الذي وصفه ساركوزي بالمسؤول و الشجاع ,و تأكيدها على دعمها للمغرب ملكا وشعبا .
بالنسبة لأفراد الجالية المقيمة بفرنسا فقد وجدوا في الإعلان عن الإصلاح الدستوري مناسبة سانحة و فرصة مواتية للقيام بالتحركات اللازمة و فتح حوار عميق و نقاش واسع من اجل ضمان حضورهم القوي في الإصلاحات الدستورية و السياسية المرتقبة , و لن أبالغ إذا ما قلت بأن النقاش كان ساخنا و شابته مجموعة من المغالطات ,فشخصيا و بحكم أنني كنت رئيسة لجنة مغاربة شمال فرنسا لتعديل الدستور فقد عشت و لمدة شهرين نقاشات حادة شابتها أحكام مسبقة ,حيث أنه و طيلة اللقاءات التي عقدناها لشرح مضامين الخطاب الملكي و فحوى التعديل الدستوري , كان علينا أولا أن نصحح المغالطات ,حيث غالبية الذين التقيت بهم من المهاجرين وقعوا في الخلط مابين مطالب إدارية و جمركية ...يمكن رفعها إلى السلطات المعنية للنظر فيها و بين ما يمكن أن تتضمنه الوثيقة الدستورية ,و يبقى هذا أمرا طبيعيا بالنظر إلى أن هذه الفئة من المواطنين ظلت و لمدة عقود مغيبة عن كل نقاش سياسي ووطني , ورغم ذلك عندما أتيحت لها الفرصة للمشاركة في هدا الورش الإصلاحي كانت في الموعد بدليل أن أفراد الجالية سواء في فرنسا أو باقي دول المهجر انتظمت داخل لجان و هيئات و ناقشت و اقترحت و رفعت مذكراتها في الشأن إلى لجنة ألمنوني ,قبل أن يعلن مجلس الجالية عن فتح باب الاستشارات بشأن التعديل الدستوري و" بالمناسبة فالمجلس وجه نداءه الى المهاجرين من أجل إعطاء تصوراتهم حول التعديل الدستوري في وقت كانت فيه اللجنة تحضر فيها مسودة الدستور و كان أفراد الجالية قد عبروا عن رأيهم في الموضوع مباشرة بعد الخطاب الملكي .
- ماذا سجلت في نفس الأوساط من ردود الفعل على تبني الدستور الجديد عبر الاستفتاء الشعبي ؟
لقد كشفت المشاركة المكثفة .للجالية المغربية في الاستفتاء الشعبي للدستور و تصويتهم لصالحه مدى ارتباطهم بوطنهم الأصلي و الرغبة في المشاركة في رسم مستقبله, حيث استقبل المغاربة بالخارج بكل فخر و اعتزاز ما جاء به الدستور الجديد من فصول متعلقة بالجالية المغربية , فلأول مرة تخصص أربعة فصول للمغاربة المقيمين بالخارج (16.17.18.30) و بهذا يؤسس الدستور لمقاربة واضحة المعالم للنهوض بقضايا الجالية . بالنسبة للأوساط الفرنسية و التي واكبت النقاش على الدستور المغربي فقد انتظرت بترقب نتائج الاستفتاء الشعبي و كانت مجموعة من الصحف الفرنسية من خلال مبعوثيها في المغرب و صحافييها في فرنسا و الذين قاموا باستطلاع للرأي في أوساط المغاربة قد أعلنت عشية الاستفتاء الدستوري عن أن التصويت سيكون لصالح الدستور , لدا و مباشرة بعد الإعلان عن النتيجة اعتبرت ذات الصحف أن المغاربة كانوا على صواب بتصويتهم لصالح الدستور الجديد ,الحكومة الفرنسية من جانبها اعتبرت أن المغاربة بموافقتهم على الدستور اتخذوا قرارا تاريخيا و أن المغرب أضحى مثالا يحتذي به مغاربيا و عربيا
- كيف ترين دور ومساهمة الجالية المغربية في الحياة السياسية الوطنية في ظل الدستور الجديد ؟
قبل الحديث عن الدور الذي يمكن أن تضطلع به الجالية في الحياة السياسية الوطنية في ظل الدستور الجديد ,لابد من الإشارة إلى أن ما تم التنصيص عليه في الدستور الجديد يستدعي إعادة التفكير العقلاني في التعاطي مع قضايا الهجرة باعتماد سياسة شمولية تضع حدا لتداخل الأدوار و تعدد الأجهزة ,و من ذلك ضرورة إعادة النظر في الهيئات الموكول إليها تدبير شؤون أفراد الجالية كمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج و مجلس الجالية و الوزارة المكلفة بالجالية و وزارة الخارجية و ذلك من أجل وضع سياسات موحدة و مندمجة في كل ما يتعلق بقضايا الهجرة ,فالمطلوب هو إعطاء روح للفصول الأربعة عبر تدبير يتسم بالحكامة و تناغم السياسات العمومية .ثم ان الاهتمام بأفراد الجالية المغربية لا ينبغي أن يقتصر فقط على تحسين ظروف الاستقبال و قضاء العطلة الصيفية , بل يجب أن يشمل كذلك فتح آفاق جديدة وواسعة تمكنهم من الانخراط الحازم و الجيد في مسيرة التنمية على كافة المستويات , و دلك من خلال استقطاب استثمارات الجالية و كذلك الأدمغة و الكفاءات المهاجرة قصد الاستفادة من معارفها العلمية و خبراتها في مختلف التخصصات ,
إن التنصيص الدستوري في الفصل 17 على المواطنة الكاملة للمواطنين المقيمين بالخارج من خلال الحق في التصويت و الترشيح في الانتخابات ,معناه أن الدولة و الأحزاب مطالبة الآن بتحقيق و تنزيل كل أبعاد هذه المواطنة :,الدولة من خلال سن قانون انتخابي يمكن من إحداث لوائح انتخابية بالخارج بدل التسجيل القنصلي ,آنيا و مستقبلا بإحداث دوائر انتخابية بالخارج ليتيح للمغاربة الخارج انتخاب نواب يدافعون عن تدبير معقلن لملفهم بالداخل و الخارج ,.
الأحزاب السياسية من خلال تأطير أفراد الجالية و فتح المجال لهم للترشح و تزكيتهم , ما سيمكن الأحزاب من ضخ دماء جديدة في هيئاتها و الاستفادة من الكفاءات المغربية بالمهجر , ان احتضان الأحزاب السياسية لأفراد الجالية المغربية الراغبين في الانخراط في الحياة السياسية المغربية و تكوينهم و تأطيرهم سيمكنهم من ضمان تمثيلية وازنة تمكنهم من المشاركة في تدبير الشأن العام و المساهمة في التشريع ما دامت الأدوات القانونية تشكل دعامة اساسية لتعزيز دعائم دولة الحق و القانون و المؤسسات و رافعة قوية للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية ,تمثيلية تضمن لهم الحق في ممارسة الدبلوماسية البرلمانية من بابها الواسع انطلاقا من مواقعهم بالبلدان المضيفة و العلاقات التي نسجوها و راكموها بهده البلدان لما فيه خدمة القضايا الوطنية و في مقدمتها قضية الوحدة الترابية و تحسين صورة المغرب في الخارج من خلال دبلوماسية برلمانية فعالة و منفتحة تستهدف جعل التطور الديمقراطي بالبلاد لصالح الإشعاع الدولي .
حاورها : عبد النبي مصلوحي
عن المنعطف