شيء غريب حقا أن يحتضن البرلمان الكندي، خلال جلسة استماع خاصة للنظر في مشروع ميثاق القيم بكندا، أسرة لم تنبس بكلمة واحدة عن الموضوع المطروح أمامها، بل وجه أعضاؤها كل ما يعرفونه من عبارات الحقد الذي يكنونه للإسلام وللمغرب. خلال الجلسة، التي سمح بها هذا البرلمان، تناوب أفراد أسرة تحمل اسم "بينوـ كارون"، على إفراغ كل ما في صدورهم من كراهية مقيتة للدين الإسلامي وللمسلمين، وعبارات عنصرية للمغرب والمغاربة غاية في الانحطاط والسفالة. عميدة الأسرة، المسماة جنفييف كارون، لم تتورع وهي تعتلي منبر البرلمان، من الاستهزاء بالمغاربة والمسلمين، وقالت إنها وأسرتها صدمت خلال زيارتهم لمسجد لما طلب منهم نزع الأحذية لتتساءل: "هل من الضروري أن نفعل هذا؟" قبل أن تروي مشاهدتها لمصلين في حالة سجود وكأنهم حيوانات". كانت تقول هذا والحاضرون يضحكون: "حتى النساء كن ساجدات مثل حيوانات في مكان آخر بعيدا عن الرجال"، لتتعالى قهقهات الحاضرين داخل البرلمان الكندي. زوجها سيذهب أبعد من ذلك وهو يتحدث عن المغاربة وكأنهم مخلوقات من كوكب آخر حين استغرب رؤية مواطنين، في طنجة، وهم يرتادون الجلباب، معتبرا أن الإسلام يفرض هذا. وعبر عن تضايقه من كثرة المساجد والمآذن "حيث يردد المؤذنون ترانيمهم عدة مرات في اليوم، وهو أمر جد مزعج." ما علاقة هذا الكلام الفارغ بموضوع اللجنة البرلمانية الكندية الذي يرمي إلى منع جميع الرموز الدينية (صليب، قلنسوة أو النقاب) في الساحات العمومية والمؤسسات الرسمية؟ بل كيف تم السماح لمؤسسة تشريعية في بلد مثل كندا أن تفتح أبواب مؤسستها لأسرة من أجل أن تتحدث عن زيارتها للمغرب بكل ما تحمل لغتهم من سخرية واستهزاء وقدح وطعن وكراهية وعنصرية إزاء الإسلام كدين والمغاربة كمسلمين أمام حاضرين في الجلسة وجدوا فيما استمعوا إليه فرصة للضحك على ديانة وعادات وتقاليد وثقافة قوم هي قطعا مختلفة تماما عن معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم. لكم دينكم ولنا دين. هل من الضروري أن نكون مثل الكنديين أو الأمريكيين أو الهنود، وهل من المفروض أن يكون هؤلاء وغيرهم مثل المغاربة والمسلمين؟ لقد كان من المفيد أن يتجنب البرلمان الكندي وهو يبحث عن تشريع لقيمه الخاصة به، فتح أبواب مؤسسته الدستورية وميكروفونات منبره لسياح كالوا من العبارات النابية والعنصرية ما لا يستطيع الحجر أن يتحمله فبالأحرى البشر. كان من المفروض على رئيس أو مسير الجلسة تنبيه المعنيين إلى أنهم يتحدثون خارج الموضوع، وأن جدول أعمال الجلسة دراسة مشروع ميثاق القيم في كندا وليس في بلد آخر؛ وأن المغرب الذي اختاروا زيارته بمحض إرادتهم ليس موضوع الجلسة، وبالتالي فإن ما يخوضون فيه قد يسيء إلى علاقات كندا ليس فقط مع المغرب بل مع البلدان الإسلامية، لأن الأمر يتعلق، فعلا، بملايير المسلمين في العالم، وكندا ليست على استعداد لتخسر علاقاتها ومصالحها مع المسلمين من أجل أسرة قامت بسياحة لبلد إسلامي وتأتي لتتحدث بسوء عن بلد تجمعه مع البلد المعني علاقات دبلوماسية ومبادلات على أكثر من صعيد. كان وكان وكان من المفروض أن ينقر رئيس الجلسة بمطرقته بقوة على الطاولة لإثارة انتباه المعنيين أنهم خارج الموضوع. فعلا كان البرلمان الكندي نفسه خارج الموضوع، بل إنه كان متواطئا في هذا العمل الشنيع.