إدريس شكري.
بالرغم من تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، سواء من حيث الدعم السياسي والمادي، أو على المستوى الإعلامي، وخفوت جذوة النار القومية، التي كانت تجعل منها في طليعة قضايا الأمة العربية والإسلامية، فقد ظلت تندرج في صلب اهتمامات الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، الذي يحرص أيما حرص على تتبع كل التطورات هذه القضية، و يبدل في ما في وسعه دبلوماسيا من خلال المساعي والمشاورات، في مختلف المحافل والمناسبات، لحث المجتمع الدولي، على تحمل مسؤولياته كاملة تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، وعلى أرض الواقع من خلال إنجازات وكالة بيت مال القدس كآلية تابعة للجنة.
وبالرغم من أن لجنة القدس لم تنعقد منذ سنة 2002 فإن الملك محمد السادس ظل يتابع عن كثب كل "شاذة وفادة" تتعلق بتطورات القضية، ويتخذ الخطوات الدبلوماسية اللازمة كلما استدعت الضرورة ذلك. وفي هذا السياق قال جلالة الملك، في الخطاب الذي ألقاه خلال ترؤسه افتتاح أشغال الدورة العشرين للجنة القدس، "فمنذ آخر دورة للجنة، لم نقف مكتوفي الأيدي، ذلك أن قضية القدس أمانة في أعناقنا جميعا، حيث جعلناها في نفس مكانة قضيتنا الوطنية الأولى، وأحد ثوابت سياستنا الخارجية".
ولم تسْه عين محمد السادس منذ أن اعتلى العرش عن أوضاع المقدسيين، ولم يتوقف عن بذل كل المبادرات العملية من أجل تحسين أوضاع المقدسيين، وفي هذا السياق يأتي إحداث وكالة بيت مال القدس.
ولا يعتمد الملك محمد السادس لغة الشعارات والمزايدات العقيمة، وعلى العمل الظرفي والمناسباتي، بل لغة الانجازات التي تتحقق على أرض الواقع وتنعكس على الحياة اليومية للمقدسيين، حيث قامت الوكالة بتعاون مع مختلف المؤسسات الرسمية بالدول الإسلامية، والمنظمات الأهلية لدعم القدس، مجهودات دؤوبة للنهوض بقطاع التعليم والتكوين، من خلال صيانة المؤسسات التربوية، وشراء المباني وتحويلها إلى مدارس، وتشجيع تمدرس الأطفال، كما تقوم بتحفيز الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل القار، ولفرص الشغل، وإصلاح وتجهيز المرافق الصحية، وإنجاز البرامج السكنية، وتوفير المرافق الاجتماعية والثقافية، خاصة لفائدة الشباب، كما تعمل الوكالة تعمل جاهدة على صيانة المسجد الأقصى المبارك، وباقي الأماكن المقدسة والمعالم الحضارية، وتسعى للتصدي لإغلاق المؤسسات الفلسطينية الحيوية، ولمصادرة الأراضي والممتلكات بهذه المدينة السليبة.
ولم تمنع الظروف التي تمر منها العديد من البلدان العربية، والأوضاع الإقليمية بصفة عامة الملك محمد السادس من المبادرة إلى الدعوة إلى انعقاد اللجنة، من أجل بلورة مقترحات جدية وعملية، والإقدام على مبادرات واقعية، مع ضمان وسائل تنفيذها، وآليات تمويلها. لأن القضية الفلسطينية، بما فيها القدس الشريف، هي قضية الأمة الإسلامية جمعاء كما جاء في الخطاب الملكي.